الفقه الإسلامي - العبادات و ما يلحق بها - الصلاة - الصلوات المفروضة و النوافل
رقم الفتوى 13031
نص السؤال مختصر

ما حكم سنة الجمعة القبلية على المذاهب الأربعة ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

ما يصليه المسلم عند دخوله المسجد يوم الجمعة قبل صعود الإمام على المنبر يطلق على ثلاثة أمور :

١- صلاة تحية المسجد فهذه لا خلاف عليها بين جميع الفقهاء ، ولا تأخذ حكم الكراهة حتى ولو كانت عند الزوال، لأن كراهة الصلاة عند الزوال في يوم الجمعة مستثناة من ذلك.

2- أما صلاة النافلة قبل صلاة الجمعة فقد يراد بها التطوع المطلق، وقد يراد بها أنها سنة الجمعة راتبة قبلية كراتبتها البعدية.

فإذا أريد بها التطوع المطلق فهي جائزة بل مستحبة، سواء فعلت قبل الزوال ليوم الجمعة أو فعلت بعد الزوال وقبل أن يخرج الإمام ليخطب الجمعة ، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم {لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصله ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى} رواه البخارى.

يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه فتح الباري: [بعد زوال الشمس وقبل خروج الإمام - يعني يوم الجمعة -: هذا الوقت يستحب الصلاة فيه بغير خلاف نعلمه بين العلماء سلفا وخلفا، ولم يقل أحد من المسلمين إنه يكره الصلاة يوم الجمعة، بل القول بذلك خرق لإجماع المسلمين - ثم ذكر آثارا كثيرة عن الصحابة في استحباب هذه الصلاة، ثم قال: - وقد اختلف في الصلاة قبل الجمعة: هل هي من السنن الرواتب كسنة الظهر قبلها، أم هي مستحبة مرغب فيها كالصلاة قبل العصر؟ وأكثر العلماء على أنها سنة راتبة، منهم: الأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه، وهو ظاهر كلام أحمد، وقد ذكره القاضي أبو يعلى في شرح المذهب وابن عقيل، وهو الصحيح عند أصحاب الشافعي. وقال كثير من متأخري أصحابنا : ليست سنة راتبة، بل مستحبة]. 

3 - وقد يراد بصلاة النافلة قبل صلاة الجمعة سنتها الراتبة كسنتها الراتبة التى تصلى بعدها .

وهذه هى التى وقع فيها الخلاف بين الفقهاء فى كونها مشروعة أو غير مشروعة.

والخلاف فى هذه المسألة خلاف فى أحد الفروع الاجتهادية، التي لا ينبغي أن يتعصب أحد لرأيه فيها، أو ينكر على الآخر رأيه، فإن شرط الإنكار أن يكون المنكر مجمعاً على أنه منكر، كما لا ينبغى أن يُرمى صاحب الرأي الآخر بأنه عاص أو مبتدع . 

قال الحنفية والشافعية إن سنة الجمعة القبلية كسنة الظهر القبلية، وقتاً وعدداً.

وقال المالكية: يكره لشخص يُقتدى به - كعالم - التنفل عند الأذان الأول، لا قبله، لجالس في المسجد، لا داخل؛ خوف اعتقاد العامة وجوبه، أما عند الأذان الثاني فحرام، لكن هذا أيضاً في حق من يقتدى به من العلماء وولاة الأمور.

وقال الحنابلة : ليس للجمعة سنة راتبة قبلها، بل يستحب أربع ركعات على وجه النفل المطلق.

واحتج من قال بأن للجمعة سنة قبلية راتبة بعدة أدلة منها :

1 - عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان} رواه ابن حبان وصححه ، وهاتان الركعتان سنة راتبة للفريضة، فالحديث يدل بعمومه على مشروعية صلاة ركعتين سنة قبل صلاة فريضة الجمعة.

2 - عن عبد الله بن المغفل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة لمن يشاء} رواه البخاري ومسلم والمراد بالأذانين الأذان والإقامة، من باب التغليب، أو لأن في كل منهما إعلاما، والتعبير عنهما بذلك كثير. والصلاة بينهما لمن يشاء هي تطوع من رواتب الصلاة المفروضة التى يؤذن ويقام لها ، قال الإمام النووي رحمه الله في كتابه المجموع : [أن العمدة فى مشروعيتها حديث عبد الله ابن مغفل المذكور]. 

وأختم بما قاله الشيخ ابن تيمية رحمه الله في فتاويه : [إن صلاة ركعتين قبل الجمعة جائزة وحسنة وإن لم تكن راتبة .…. فمن فعل ذلك لم يُنكر عليه، ومن ترك ذلك لم ينكر عليه، وهذا أعدل الأقوال وكلام الإمام أحمد يدل عليه].

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2022/04/05

المفتي


د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به