العقيدة الإسلامية - العقيدة - الإيمان و التوحيد - الشبهات والاستشكالات
رقم الفتوى 12868
نص السؤال مختصر

ما معنى قول ابن مسعود رضي الله عنه غلوا المصاحف حين أراد عثمان رضي الله عنه كتابة المصحف ؟ وهل صح بأن مصحف ابن مسعود غير مصحف الجمهور ؟ وهل فعلاً أنه لا يتضمن المعوذتين ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

1- ما فعله سيدنا عثمان رضي الله عنه أقره عليه جميع الصحابة واجمعوا على ذلك، وهو الاقتصار في كتابة القرآن على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن الكريم، لأن كل حرف منها كافٍ شافٍ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {أتاني جبرئيل وميكائيل، فجلس جبرئيل عن يميني، وجلس ميكائيل عن يساري، فقال: اقرأ على حرف، فقال: ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ القرآن على حرفين. قال: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف. قال: وكل كاف شاف} رواه النسائي. 

وهذا يدل على أن الأصل هو أن يكون القرآن على حرف واحد، وأن تعدد هذه الحروف إنما هو من باب التخفيف والرخصة، وليس من باب الإلزام والإيجاب.

2- المقصود بقول عبد الله بن مسعود : {اكتموا المصاحف التي عندكم وغلوها} أي تمسكوا بها ولا تحرقوها، وقد كان لسيدنا عبد الله نسخة خاصة به كتبها بناء على إحدى القراءات التي أخذها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان هذا في بداية الأمر، ثم رجع عن هذا بعد ذلك.

واعتراض ابن مسعود رضي الله عنه لم يكن على أصل فعل عثمان، وإنما على اختيار من يقوم بذلك وأنه لم يكن ضمن اللجنة التي اختارها سيدنا عثمان لنسخ المصحف، والسبب في ذلك أنه لم يكن موجوداً في المدينة المنورة، ثم إنه رجع بعد ذلك لموافقة الجماعة، ولذلك فإن ابن أبي داود في كتاب المصاحف عقد باباً في (اتفاق الناس مع عثمان على جمع المصاحف) ثم أعقبه بباب : (كراهية عبد الله بن مسعود ذلك) ثم أعقبه بباب : (رضاء عبد الله بن مسعود لجمع عثمان رضي الله عنه المصاحف).

ونقل القرطبي في تفسيره عن العلامة أبي بكر الأنباري رحمه الله قال : [ما بدا من عبد الله بن مسعود من نكير ذلك، فشيء نتجه الغضب، ولا يعمل به، ولا يؤخذ به، ولا يشك في أنه -رضي الله عنه- قد عرف بعد زوال الغضب عنه حسن اختيار عثمان ومن معه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقي على موافقتهم وترك الخلاف لهم]. 

3- وأما ما نقل عن ابن مسعود رضي الله عنه في إنكاره للمعوذنين فقد اختلف العلماء في ثبوت ذلك عنه وفي توجيهه :

أ- منهم من أنكر ثبوته، ومن هؤلاء ابن حزم والنووي وغيرهما لأنه ثبت عنه خلاف ذلك، فقد ثبت إقراء ابن مسعود لهاتين السورتين على أنهما قرآن، وقد تناقله عنه جمع من قراء القرآن، فالقراءات الكوفية مسندة بالأسانيد المتصلة إلى ابن مسعود وقد تواتر فيها وجود المعوذتين.

قال ابن حزم في المحلى : [كل ما روي عن ابن مسعود أن المعوذتين وأم القرآن لم تكن في مصحفه فكذب موضوع لا يصح، وإنما صحت عنه قراءة عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود، وفيها أم القرآن والمعوذتان].

ب- وقد جنح الحافظ ابن حجر في الفتح والعلامة الزرقاني في مناهل العرفان لثبوت ذلك عن ابن مسعود، وقالا إنه يحتمل التأويل بأنه قال ذلك قبل ثبوت قرآنيتهما عنده، فلما ثبت ذلك عنده وافق جمهور الصحب فيهما وكان يقرئ بهما.

قال العلامة الزرقاني في مناهل العرفان في علوم القرآن : 

[يحتمل أن إنكار ابن مسعود لقرآنية المعوذتين والفاتحة على فرض صحته كان قبل علمه بذلك، فلما تبين له قرآنيتهما بعد تم التواتر وانعقد الإجماع على قرآنيتهما كان في مقدمة من آمن بأنهما من القرآن].

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2021/06/23

المفتي


د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به