العقيدة الإسلامية - العقيدة - الإيمان و التوحيد - الشبهات والاستشكالات
رقم الفتوى 12865
نص السؤال مختصر

كيف يقول الله تعالى : {والله يعصمك من الناس} ومن الناس اليوم من ينتقص الرسول صلى الله عليه وسلم ويسبه ويشكك به ويرسم رسوما كاريكاتيرية تهزأ به ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

المقصود بالعصمة في قوله تعالى {والله يعصمك من الناس} هي العصمة من القتل حتى يؤدي النبي صلى الله عليه وسلم الرسالة التي أمره الله بتبليغها، لذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان يحرسه بالانصراف بعد نزول هذه الآيات الكريمة، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : [كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْرَسُ، فَنَزَلَتْ : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنَ الْقُبَّةِ فَقَالَ : {أَيُّهَا النَّاسُ ، انْصَرِفُوا ، فَقَدْ عَصَمَنِي اللَّهُ مِنَ النَّاسِ}] رواه البيهقي في دلائل النبوة والحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد.

وليس المقصود بالعصمة هو عدم وصول الأذى للنبي صلى الله عليه وسلم سواء في حياته وبعد مماته ، بل قد حصل هذا للنبي صلى الله عليه وسلم في حياته ويمكن أن يحصل كذلك له بعد مماته وهذا فيه زيادة في درجاته ورفعة في مكانته ، وهذه الرسومات المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم على الرغم من شناعتها وخبث فاعليها وجريمتهم النكراء ولكنها بالمقابل كانت سببًا في نتيجة عكسية أدت إلى تعرف البعض على شخصية النبي صلى الله عليه وسلم والإعجاب به ثم الإيمان به ودخوله في الإسلام.

قال العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله في تفسيره التحرير والتنوير معلقًا على هذا الآية الكريمة :

[فالمُرادُ العِصْمَةُ مِنِ اغْتِيالِ المُشْرِكِينَ، لِأنَّ ذَلِكَ هو الَّذِي كانَ يُهِمُّ النَّبِيءْ ﷺ، إذْ لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ لَتَعَطَّلَ الهَدْيُ الَّذِي كانَ يُحِبُّهُ النَّبِيءُ لِلنّاسِ، إذْ كانَ حَرِيصًا عَلى هِدايَتِهِمْ، ولِذَلِكَ كانَ رَسُولُ اللَّهِ لَمّا عَرَضَ نَفْسَهُ عَلى القَبائِلَ في أوَّلِ بَعْثَتِهِ، يَقُولُ لَهم «أنْ تَمْنَعُونِي حَتّى أُبَيِّنَ عَنِ اللَّهِ ما بَعَثَنِي بِهِ أوْ حَتّى أُبَلِّغَ رِسالاتِ رَبِّي».

فَأمّا ما دُونُ ذَلِكَ مِن أذًى وإضْرارٍ فَذَلِكَ مِمّا نالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لِيَكُونَ مِمَّنْ أُوذِيَ في اللَّهِ: فَقَدْ رَماهُ المُشْرِكُونَ بِالحِجارَةِ حَتّى أدْمَوْهُ وقَدْ شُجَّ وجْهُهُ].

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2021/06/21

المفتي


د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به