استشارات و نصائح - الاستشارات - استشارات متنوعة - هموم الشباب
رقم الفتوى 12851
نص السؤال مختصر

صديقتي خلعت الحجاب ولا أريد أن أقتحم خصوصيتها، وأشعر بالمسؤولية تجاهها، ما نصيحتكم ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

أولا : في البداية لابد من بيان أن ارتداء الحجاب مسؤولية شخصية، تتحمل تلك المسؤولية أمام الله تعالى من قامت بخلعه، ومن كان على صلة بتلك الفتاة فدوره دور التوعية والنصح بأسلوب لطيف، ولا يعد هذا تدخلاً في خصوصية الآخرين، ولكنه واجب الأخوة الإيمانية من خلال التواصي بالحق وإرادة الخير، وسواء استجابت صديقتها لنصحها أم لم تستجب فينبغي الاستمرار في بقاء الصداقة وإشعارها بالمحبة والمودة والاهتمام بها. 

ثانياً : من الأهمية بمكان التمهل والرفق، وعدم التعجل واستخدام الحكمة في اختيار الوقت والحالة النفسية المناسبة، مع الصبر والحوار الهادئ المبني على أساس فهم النصوص الشرعية، مع التمكن من أساليب الإقناع القائم على الحجة والعقلانية المسترشدة من الهدي الرباني.

وكذلك البحث عن الأسباب التي حملتها على خلع الحجاب ومعالجتها بروية معالجة منهجية.

ثالثًا : وهذه بعض الحقائق التي تتعلق بحجاب المرأة المسلمة التي تبين الفلسفة الراقية للحجاب، والرؤية الحضارية الرائدة له، فهو في ظاهرِهِ قطعةُ قماش تغطي الرأس، وعباءة تستر الجسد، ولكن في طياته يحمل معاني كريمة، وقناعة ذاتية، ولعل من أروع أهدافه :

١- استجابة أمر رباني، وعبادة أتقرب بها لربي، وعبودية أتعبد به لخالقي كتعبدي في صلاتي، أشعر بفخري وعزتي حيث إنني رضيت بحكم ربي، واستجبت لأمر خالقي.

٢- عنوان شخصيتي المميزة، وتعبير عن هويتي الإسلامية التي أتشرف بالانتماء إليها، وهذا مما يحميني من الذوبان في الآخرين، فكل أمة تحرص على ما يميزها في لغتها ومظهرها، فهذا مما يزديني به تعلقاً : لأنه يظهرني بلافتة الإسلام المحببة لقلبي. 

٣- مظهر ينبئ عن حقيقة رسالتي في الحياة، وحجاب يفصح عن امرأة ذات إيمان وأخلاق، صاحبة أمانة ومنهج، يحترمني الآخرون ويقدرونني، ويثقون بي، فلا تساور أنفسهم التلاعب والخروج عن حدود الأدب، فأنا ذات مبدأ وقيم، وصاحبة شأن واعتبار، فلست سلعة رخيصة ينظر إليها كل من هبّ و دبّ .

ويمكن الاستعانة ببعض مقاطع الفيديو الهادفة في هذا المجال مثل هذا المقطع للداعية الأمريكية الرائعة أمينة السلمي رحمها الله، وهي تتكلم عن معاني الحجاب بطريقة راقية مبدعة :

http://youtu.be/uzPXsIs4ILI

رابعًا : التركيز على مفهوم الإسلام، ومعنى كلمة مسلمة ؟

وكلمة مسلمة يعني أن هذه المرأة قد اقتنعت بالإسلام وآمنت بالله الواحد الأحد الفرد الصمد وأسلمت وجهها لله تعالى، ومن هنا سمي من يسلم وجهه لله تعالى بالمسلم قال تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [لقمان/22]، وأن الإسلام ليس عقيدة فقط، بل هو عقيدة وشريعة وأخلاق، والالتزام بكل ما أمر الله به والانتهاء عما نهى الله عنه، فالمسلمة مأمورة بالحجاب وعليها أن تطيع الله سبحانه فيما أمر ما دامت وصلت لسنّ التكليف الشرعي، والإسلام عندما أمر المرأة بالحجاب لم يكن هذا إلا لمصلحة المرأة ولمصلحة المجتمع كله، والإسلام دين قائم على جلب المصالح ودرء المفاسد، وقد بيّن الله تعالى لك أن لباس المرأة الإسلامي مؤلف من خمار وجلباب، والآيتان الواردتان فيه هما: قوله تعالى {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ }، وقوله : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ }.

والمقصود بالخمار والجلباب في الآيتين هو : 

1- الآية الأولى في سورة النور [31] قال الله تعالى : {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}. 

الخمار: ما تغطي به المرأة رأسها.

قال ابن منظور في لسان العرب : [الخمار ما تغطي به المرأَة رأَْسها، وجمعه أَخْمِرَةٌ وخُمْرٌ وخُمُرٌ ، وتَخَمَّرَتْ بالخِمار واخْتَمَرَتْ: لَبِسَتْه، وخَمَّرَتْ به رأْسَها: غَطَّتْه]. 

روى البخاري وأبو داود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (رحم الله نساء المهاجرين الأول، لما نزل قوله تعالى {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} : شقَقْـنَ أزرهنَّ فاخْتَمَـرْنَ بها).

2- والآية الثانية في سورة الأحزاب [59] قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}. 

قال ابن منظور في في معجم لسان العرب : [الجلباب: إزار يُشتمل به فيجلل جميع البدن، وهو كالثوب السابغ الذي يشتمل به النائم فيغطي جسده كله ، وجِلْبابُ المرأَةِ مُلاءَتُها التي تَشْتَمِلُ بها، واحدها جِلْبابٌ، والجماعة جَلابِيبُ].

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2021/06/02

المفتي


د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به