الحديث الشريف - الحديث - الحديث النبوي و ما يرشد إليه - شروح الحديث وما يرشد إليه
رقم الفتوى 12743
نص السؤال مختصر

ما هو التوفيق بين حديث [إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا]، وحديث [أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ] وبين حديث [وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ] ؟ وإن كان المرء يشعر أنه مذنب ويدعو ربه بالتوبة ويعلم أنه مقصر بالعبادات والطاعات فكيف يطلب الرزق من ربه وهو يستحي أن يدعوه بسبب ذنوبه وتقصيره ؟ 

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

لا تعارض بين هذه الأحاديث على الإطلاق 

1- لأن الدعاء له آدابه ومنها الاستجابة لأوامره والابتعاد عن نواهيه كما قال الحق سبحانه ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ). 

وكذلك حسن الظن بالله تعالى والرجاء في رحمته من آدابه اتباع ما يرضي الله تعالى ، والإقبال عليه بما يحبه ، وقد نبه لهذا التابعي الجليل الحسن البصري فقال :

( إن قوماً غرهم حسن الظن بالله حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم، يقولون: نحسن الظن بالله، كذبوا والله لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل ). 

2- وأما حديث حرمان الرزق بسبب الذنوب فهو سنة ربانية أقامها الحق سبحانه لخلقه كي يبتعدوا عن كل المخالفات التي تؤدي إلى حرمانهم من الخيرات والبركات ، واتباع الأسباب التي تؤدي إلى نزول الرحمات كما قال الحق سبحانه : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ).

3- والحق سبحانه وتعالى رحيم غفور كريم جواد لا يعاملنا بذنوبنا وتقصيرنا.

وهذا الحياء الذي يستشعره المؤمن عند تذكره ما وقع منه من ذنوب وما كان منه من تقصير ينبغي ألا يمنعه ذلك من الدعاء والإلحاح على الله تعالى والالتجاء إلى جنابه والتذلل على أعتابه ، وهذا الدعاء سيدفعه إلى محاسبة نفسه والتوبة من ذنوبه ، وزيادة الإقبال عليه سبحانه ، وخاصة إذا تذكر النعم الهائلة التي أكرمه الله بها و تذكر إحسانه له في السابق واللاحق ، رغم تقصيره وكثرة ذنوبه. 

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2021/01/19

المفتي


د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به