العقيدة الإسلامية - العقيدة - الإيمان و التوحيد - معتقدات فاسدة
رقم الفتوى 12415
نص السؤال مختصر

أؤمن بوجود الجن كما هو موضح في كتاب الله، لكن تؤرقني قضية تلبسه بالإنس ووجود ما يسمى بالتابعة للإنسان والتي كثيرا ما أسمع أن امرأة لم تتزوج أو تنجب أولاداً بسببها، فما حقيقة ذلك ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله، والحمدلله ،والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعدُ :

أما فيما يتعلق بوجود ( المتابعة ) أو ما يسمى : ( بأم الصبيان ) فكلها من الخرافات والأكاذيب ليس لها أي دليل من الكتاب والسنة .

وأما تلبس الجن بالإنس فقد اختلف العلماء اختلافاً كثيراً في مسّ الشيطان للإنسان . هل يتعدى ذلك إلى البدن فيصيبه بالسقم والمرض والأوجاع والآلام الشديدة حتى يصل إلى حالة الصرع والجنون المتداول بين الناس اليوم بقولهم “فلان قد لبسه شيطان” ؟ :
فذهب بعض العلماء إلى الجواز.
و ذهب البعض الآخر إلى عدم الجواز معللين بأن الشيطان لا يستطيع ذلك ولا قدرة له عليه لأن كيد الشيطان ضعيف كما أخبر الله تعالى .

وأنا مع العلماء القائلين بعدم تلبس الجن بالإنس ، وقد رأينا الكثير ( ممن يدعون التلبس ) في حقيقة الأمر إنما يعانون أمراضاً نفسية وحالات من الانهيار بسبب مشاكل وضوائق وضغوط وقعوا فيها .

ولا بد من بيان الحقائق الآتية :

1- سر عجيب في إضافة العبد لربه (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) :
تحقق المؤمن بمعنى العبودية التي تتضمن كمال المحبة الخشية والرجاء كفيلة في تحصين العبد من مكائد الشيطان، والتقوى درع يتقي بها المؤمن سهام الغواية والإضلال (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)، ثم الاعتماد على الله والتوكل عليه حق التوكل يجعله في أمان أمين (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون)، ثم صدق الالتجاء إلى الله ، واستحضار اسمه السميع واسمه العليم وتدبر معناهما ومدلولهما كفيل بالحفظ والصون (وإما ينزغنك من الشيطان نزع فاستعذ بالله إنه هو سميع عليم)، كما للإخلاص سر عجيب في الخلاص (إلا عبادك منهم المخلصين).

2- معركة المؤمنين مع الشيطان يُجند فيها الشيطان كافة وسائله للإغواء:
في الحرب يكون التصويب فيها عن بُعد بالطائرات والقاذفات، وعن قرب بالرشاشات والمسدسات، فكذلك فإن الشيطان يستعمل جميع وسائله في الكيد للإنسان ، لأنه محترف لأساليب القتال مع ابن آدم الذي صمم على إغوائه وعداوته منذ اللحظة الأولى (فبعزتك لأغوينهم أجمعين)، فيستعمل جميع ما في جعبته لإرسالها للإنسان ، سواء كان ذلك عن بُعد أم قُرب، والتي عبر عنهما القرآن الكريم بــ(النزغ والمس والهمز)، ولاستعراض الآيات الواردة في ذلك نجد ما يأتي:
أ- ( وإما ينزغنك من الشيطان نزع فاستعذ بالله إنه هو سميع عليم) [الأعراف: 200 ]، (وإما ينزغنك من الشيطان نزع فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم) [فصلت: 36 ] ، والنزغ: النخس ، وهو كناية عن اتصال القوة الشيطانية بخواطر الإنسان تأمره بالشر، وتصرفه عن الخير، ويتضح من كلمة نخس أن هناك مسافة بين الناخس والمنخوس ، وأداة للناخس، فإذا استعمل القرآن (ينزغ) فالشيطان بعيد منك.

ب- (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك أن يحضرون) [المؤمنون : 97-98]، الهمزات جمع همزة وهي النزغة أو النخسة، لكن هذه الآيات زادت على مجرد الاستعاذة من نزغات الشياطين ، الاستعاذه من حضورهم حتى ولو لم يكن منهم شر.

ج- (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)[ الشعراء: 201]، المس الرمي عن قرب ، أي يرمي بني آدم ويوسوس لهم عن قرب (وهو المس)، ومن رحمة الله بعباده المؤمنين أنه قال: "مسهم" ولم يقل "لمسهم" وذلك حتى لا يبلغ منهم القوة الكبيرة في التحكم والتمكن.

3- أثر القرآن على القلوب:
وللقرآن الكريم الأثر البالغ في تنوير القلب الذي يطرد ظلمة الشيطان ، (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم* إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون* إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون) [النحل : 98- 100]،

والله تعالى أعلم 

تاريخ النشر بالميلادي 2020/04/07

المفتي


د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به