الفقه الإسلامي - العبادات و ما يلحق بها - الصيام و الاعتكاف - الصيام
رقم الفتوى 13023
نص السؤال مختصر

ما حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام نفلا على المذاهب الأربعة ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

فقد ذهبت طائفة من الفقهاء إلى جواز إفراد يوم الجمعة بالصيام تطوعا، بل هو مندوب عند جماعة منهم. 

وذهبت طائفة أخرى إلى كراهية تعمد إفراده بالصيام، فإن صام يوما قبله أو يوما بعده أو وافق عادة له كمن كانت عادته صيام يوم وإفطار يوم وصادف أن كان يوم الصيام هو يوم الجمعة = فتزول عندهم الكراهة.

وانفردت قلة من الفقهاء بالتحريم.

والأمر واسع فمن أراد أن يصومه منفردا فليصمه ومن أمكنه أن يصله بيوم قبله أو يوم بعده فثوابه أعظم، أما القول بتحريم صيام يوم الجمعة فقول ضعيف بعيد عن الصواب.

والله تعالى أعلم.

الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

فقد تباينت اتجاهات العلماء في هذه المسألة وإليك أقوالهم :

- الأحناف :

قال المحقق ابن عابدين رحمه الله في حاشيته :

[وفي (الخانية) : ولا بأس بصوم يوم الجمعة عند أبي حنيفة ومحمد لما روي عن ابن عباس أنه كان يصومه ولا يفطر. اهـ. وظاهر الاستشهاد بالأثر أن المراد بلا بأس الاستحباب.

وفي (التجنيس) قال أبو يوسف: جاء حديث في كراهته إلا أن يصوم قبله أو بعده فكان الاحتياط أن يضم إليه يوما آخر. اهـ.

قلت: ثبت بالسنة طلبه والنهي عنه والآخر منهما النهي كما أوضحه شراح الجامع الصغير؛ لأن فيه وظائف فلعله إذا صام ضعف عن فعلها].

- المالكية :

جاء في منح الجليل للشيخ عليش رحمه الله :

[(و) جاز ‌صوم يوم (جمعة) (فقط) لا ‌قبله يوم ولا بعده يوم أي: ندب فإن ضم إليه آخر فلا خلاف في ندبه، وإنما فسر الجواز بالندب؛ لأنه ليس لنا ‌صوم مستوى الطرفين، وحمل النهي عن الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم - «لا يصومن أحدكم يوم ‌الجمعة إلا أن يصوم ‌قبله يوما أو بعده» ، على التقية من فرضه كما اتقى قيام رمضان وقد أمنا من هذه العلة بوفاته - صلى الله عليه وسلم - ولذا يذكر أن ابن رشد كان يصومه إلى أن مات].

- الشافعية :

قال النووي رحمه الله في المجموع :

[قال أصحابنا يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم فإن وصله بصوم قبله أو بعده أو وافق عادة له بأن نذر صوم يوم شفاء مريضه أو قدوم زيد أبدا فوافق الجمعة لم يكره لحديث أبي هريرة وغيره مما سبق هذا الذي ذكرته] والحديث : عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا يصومن أحدكم يوم ‌الجمعة الا أن يصوم ‌قبله أو يصوم بعده)....... 

قال الأصحاب وغيرهم الحكمة في كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم أن الدعاء فيه مستحب وهو أرجى فهو يوم دعاء وذكر وعبادة من الغسل والتبكير إلى الصلاة وانتظارها واستماع الخطبة وإكثار الذكر بعدها لقوله تعالى (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا) ويستحب فيه أيضا الإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من العبادات في يومها فاستحب له الفطر فيه ليكون أعون على هذه الطاعات وأدائها بنشاط وانشراح والتذاذ بها من غير ملل ولا سآمة وهو نظير الحاج بعرفات فإن الأولى له الفطر كما سبق لهذه الحكمة (فإن قيل) لو كان كذلك لم تزل الكراهة بصيام قبله أو بعده لبقاء المعنى الذي نهى بسببه :

(فالجواب) أنه يحصل له بفضيلة الصوم الذي قبله أو بعده ما يجبر ما قد يحصل من فتور أو تقصير في وظائف يوم الجمعة بسبب صومه فهذا هو المعتمد في كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم].

- الحنابلة :

جاء في المغني لابن قدامة رحمه الله :

[ويكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه، مثل من يصوم يوما ويفطر يوما فيوافق صومه يوم الجمعة، ومن عادته صوم أول يوم من الشهر، أو آخره، أو يوم نصفه، ونحو ذلك. نص عليه أحمد، فى رواية الأثرم. قال: قيل لأبى عبد الله: صيام يوم الجمعة؟ فذكر حديث النهى أن يُفرد، ثم قال: إلا أن يكون فى صيام كان يصومه، وأما أن يفرد فلا. قال: قلت: رجل كان يصوم يوما ويفطر يوما، فوقع فطره يوم الخميس، وصومه يوم الجمعة، وفطره يوم السبت، فصام الجمعة مفردا؟ فقال: هذا الآن لم يتعمد صومه خاصة، إنما كره أن يتعمد الجمعة].

- وذهب ابن حزم الظاهري رحمه الله إلى التحريم، قال في المحلى :

[ولا يحل صوم يوم الجمعة إلا لمن صام يوما قبله أو يوما بعده فلو نذره إنسان كان نذره باطلا، فلو كان إنسان يصوم يوما ويفطر يوما فجاءه صومه في الجمعة فليصمه].

والأمر واسع فمن أراد أن يصومه منفردا فليصمه ومن أمكنه أن يصله بيوم قبله أو يوم بعده فثوابه أعظم، أما القول بتحريم صيام يوم الجمعة فقول ضعيف بعيد عن الصواب.

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2022/03/19

المفتي


قسم الإفتاء

قسم الإفتاء

المحتوى الخاص به