الفقه الإسلامي - قضايا فقهية معاصرة - مستجدات العصر - طبية
رقم الفتوى 12989
نص السؤال مختصر

متى يجوز الإجهاض ومتى يحرم؟ وما حكم من حملت من الزنى أو الاغتصاب؟ أو كان الجنين مشوهاً ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

اتفق الفقهاء على حرمة إسقاط الجنين بعد مئة وعشرين يوماً.

أما حكم الإسقاط بعد الأربعين يوما :

فقد قال صلى الله عليه وسلم : {يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين، أو خمسة وأربعين ليلة، فيقول: يا رب أشقي أو سعيد؟ فيكتبان، فيقول: أي رب أذكر أو أنثى؟ فيكتبان، ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه، ثم تطوى الصحف، فلا يزاد فيها ولا ينقص} رواه مسلم.

فالحديث يُشعر أنه في لحظة كتابة المَلك يبدأ اعتبار النطفة شرعا.

وطبيا يقول د. الباري : [ومنهم - أي جهابذة علم الأجنة - من يقسم هذه المرحلة إلى ثلاثة أقسام فقط:

أ) مرحلة العلوق: IMPLANTION

وتستمر حتى تظهر أغشية الجنين والدورة الدموية وتتمايز طبقات اللوح الجنيني إلى ثلاث طبقات. وتدعى أحيانا هذه المرحلة ما قبل الكتل البدنية PRESOMITE EMBRYO وهذا التقسيم ينطبق تماما على مرحلة العلقة لأنها تبدأ بعد العلوق مباشرة وتنتهي بظهور الكتل البدنية (أي المضغة). 

ومدة هذه المرحلة أسبوعان فقط (أي منذ نهاية الأسبوع الأول للتلقيح وحتى نهاية الأسبوع الثالث للتلقيح).

ب) مرحلة الكتل البدنية SOMITES

ولا يختلف علماء علم الأجنة في هذه المرحلة (متفق عليها) وهي تبدأ في اليوم العشرين أو الواحد والعشرين وتنتهي باليوم الثلاثين.

وهذه المرحلة حسب التعريف القرآني هي مرحلة المضغة.

ج) مرحلة تكون الأعضاء ORGANO GENESIS

وتبدأ من الأسبوع الرابع وتنتهي في الأسبوع الثامن وهي الفترة الحرجة بالنسبة للجينات (الناسلات) لقابليتها الشديدة للتأثر بعوامل البيئة في هذه الفترة.

وفي هذه المرحلة نرى التقسيم القرآني يربط بين المضغة SOMITES التي تتحول إلى عظام فيكسوها اللحم {فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما}.

كما يربط التقسيم القرآني التصوير والتسوية والتعديل بما يحدث بعد المضغة وتشرحها الأحاديث النبوية الشريفة: {إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها. ثم قال يا رب ذكر أم أنثى فيقضي ربك ما يشاء ويكتبه الملك} أخرجه مسلم.

ففي نهاية الأسبوع السادس تكون النطفة قد بلغت أوج نشاطها في تكوين هذه الأعضاء وهي قمة المرحلة الحرجة الممتدة من الأسبوع الرابع وحتى الأسبوع الثامن].

بناء على ما سبق فالمفتى به في الموقع :

- حرمة الإجهاض بعد الأربعين، خاصة مع تيسر موانع الحمل الكثيرة وإمكان معرفة المرأة بحملها مبكرا مما يمكنها من إسقاطه قبل الأربعين.

- وجواز الإجهاض قبل الأربعين لحاجة {كسبب طبي، ومثاله : تخوف الطبيبة من الحمل لسبب ما} شرط موافقة الزوجين {وإلا حرم إسقاطه في حال عدم موافقة أحدهما}، وما لم يسبب لها الإجهاض ضررا كبيرا عليها أو على الحمل القادم.

أما من قال بجواز الإجهاض قبل الأربعة أشهر فهو في الحقيقة أجاز إجهاض جنين تخلق وتكونت أعضاؤه بل يسمع ويرى إن كان الإجهاض نهاية الشهر الثالث قبل دخول الرابع بأيام قليلة، قال د. محمد علي البار : [في نهاية هذا الشهر - أي الشهر الثالث - الجنين يسمع، الجنين يتحرك إراديا، الجنين ترتسم على وجهه علامات الرضا أو الضيق، في نهاية هذا الشهر يعرف جنس الجنين، وتظهر ملامح شخصيته المتفردة المتميزة عن بقية البشر، أليست هذه كلها دلائل على نفخ الروح؟]. 

وهذا اعتداء محرم.

- حرمة إجهاض من حملت نتيجة اغتصاب بعد الأربعين إلا إن تعذر عليها - تعذرا حقيقيا - إسقاطه قبل الأربعين بأن كانت في سجن مثلا فيجوز لها إسقاطه بعد الأربعين وقبل المئة وعشرين يوما لما يترتب على بقائه من مفاسد اجتماعية ونفسية للأسرة كلها.

- حرمة إجهاض من حملت من علاقة غير شرعية بعد الأربعين لتقصيرها في حق نفسها.

- أما عن إجهاض المشوه أو الذي فيه خطر على حياة الأم فقد جاء في القرار رقم: 71 من قرارات مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الثانية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة عام 1990م :

[قد نظر في هذا الموضوع، وبعد مناقشته من قبل هيئة المجلس الموقرة، ومن قبل أصحاب السعادة الأطباء المختصين، الذين حضروا لهذا الغرض، قرر بالأكثرية ما يلي:

إذا كان الحمل قد بلغ مئة وعشرين يوماً، لا يجوز إسقاطه، ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة: إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية، من الأطباء الثقات المختصين، أن بقاء الحمل، فيه خطر مؤكد على حياة الأم، فعندئذ يجوز إسقاطه، سواء كان مشوهاً أم لا، دفعاً لأعظم الضررين.

قبل مرور مائة وعشرين يوماً على الحمل، إذا ثبت وتأكد بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين الثقات - وبناء على الفحوص الفنية، بالأجهزة والوسائل المختبرية - أن الجنين مشوه تشويهاً خطيراً، غير قابل للعلاج، وأنه إذا بقي وولد في موعده ، ستكون حياته سيئة ، وآلاماً عليه وعلى أهله، فعندئذ يجوز إسقاطه بناء على طلب الوالدين، والمجلس إذ يقرر ذلك: يوصي الأطباء والوالدين، بتقوى الله، والتثبت في هذا الأمر. والله ولي التوفيق].

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2021/12/28

المفتي


قسم الإفتاء

قسم الإفتاء

المحتوى الخاص به