الفقه الإسلامي - العبادات و ما يلحق بها - الزكاة - زكاة المال والفطر
رقم الفتوى 12978
نص السؤال مختصر

حكم دفع الزكاة إلى الدائن مباشرة دون إذن المَدين ؟ كسداد حساب زبائن الصيادلة والسوبر ماركت وغيرهم ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

فالمَدين له أن يأخذ من الزكاة لقوله تعالى : {۞ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة : 60]. 

قال القرطبي في تفسيره : [قوله تعالى {والغارمين} : هم الذين ركبهم الدين ولا وفاء عندهم به ، ولا خلاف فيه. اللهم إلا من ادّان في سفاهة فإنه لا يعطى منها ولا من غيرها إلا أن يتوب. ويعطى منها من له مال وعليه دين محيط به ما يقضي به دينه ، فإن لم يكن له مال وعليه دين فهو فقير وغارم فيعطى بالوصفين].

 فشرط استحقاق المدين للزكاة عدم قدرته على سداد الدين، فإن ملك بعض ما يسد به دينه أعطي الباقي، أما من يملك ما يقضي به دينه فلا يجوز صرف الزكاة إليه ولا يجوز له أخذها لأنه ليست من حقه.

وقضاء دين المدين من الزكاة بإذنه لا خلاف فيه، إنما الخلاف إن كان ذلك بغير إذنه، فمنع الحنفية والشافعية :

ففي الفتاوى الهندية للسادة الحنفية : [ولو قضى دين الفقير بزكاة ماله إن كان بأمره يجوز، وإن كان بغير أمره لا يجوز وسقط الدين]. 

وفي الروضة للنووي الشافعي رحمه الله : [يجوز الدفع إلى الغريم، بغير إذن صاحب الدين، ولا يجوز إلى صاحب الدين بغير إذن المديون، لكن يسقط من الدين بقيمة قدر المصروف كما سبق في المكاتب.

ويجوز الدفع إليه بإذن المديون، وهو أولى، إلا إذا لم يكن وافيا وأراد المديون أن يتجر فيه]. 

أجاز الحنابلة :

جاء في كشاف القناع للبهوتي الحنبلي : [وإن دفع المالك زكاة إلى الغريم عن دين الغارم بلا إذن الفقير الغارم صح وبرئ لأنه دفع الزكاة في قضاء دين المدين أشبه ما لو دفعها إليه فقضى بها دينه كما أن للإمام قضاء الدين عن الحي من الزكاة بلا وكالة لولايته عليه في إيفائه ولهذا يجبره عليه إذا امتنع].

والسبب في اختلافهم اختلافهم في ضرورة تمليك المَدين.

والذي نميل إليه :

- جواز قضاء دين المَدين بدون إذنه بشرطين :

الأول، إن لم يكن المَدين مسكيناً ولا فقيراً {أي يملك مدخولاً يكفيه غير أنه غير قادر على سداد الدين}. 

الثاني، إن كان المال المعطى من الزكاة يسد كل دينه، أو أقل ولكن لا يمكن أن يُتجر فيه. 

وفائدة الدفع للدائن مباشرة هي التحقق من أن الزكاة ذهبت في مصرفها الصحيح.

- وعدم جواز ذلك :

إن كان فقيراً أو مسكيناً إضافة إلى كونه مديناً. 

أو كان المال المؤدى إليه لا يكفيه لسداد دينه وكان يُمكن أن يُتجر فيه لينمو المال فيقضي به كل دينه.

فحينئذ يُملّك الزكاة لأنه أعلم بحاجاته.

أما عن المثال المذكور في السؤال فينبغي التأكد من حال المَدين إن كان معسرا أم لا وإن كان فقيرا معسرا أم معسرا فقط، إذ من المدينين من يستدين لا لأنه معسر، بل لأنه اعتاد أن يسد نهاية كل شهر من راتبه وربما عنده مدخرات لم يسد منها مخافة أن تنقص.

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2021/12/12

المفتي


قسم الإفتاء

قسم الإفتاء

المحتوى الخاص به