العقيدة الإسلامية - العقيدة - الإيمان و التوحيد - الشبهات والاستشكالات
رقم الفتوى 12955
نص السؤال مختصر

كيف يقول صلى الله عليه وسلم وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ؟ ونحن نرى الكفار والفاسقين كثيراً منهم يطوفون بالمال ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

فلا تعارض في الحقيقة، إذ الفقير :

إما أن يكون فقيراً لحكمة أرادها الحكيم العليم، كأن يكون الغنى يضره لما يعلمه الله من طبعه أو أنه ابتلاء وغير ذلك، قال تعالى : {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء : 30].

وإما بسبب ذنوبه، قال صلى الله عليه وسلم : {وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه} رواه أحمد وابن ماجة.

والحديث وإن كان مختلف في ثبوته غير أن معناه صحيح ثابت بالتجربة.

والغني :

إما أن يكون غناه لحكمة أرادها الله تعالى ودليله الآية السابقة، دون النظر لذنوبه، إذ يصح أن تُستثنى بعض الحالات من قاعدة أن الذنب يحرم الرزق، فمثلا بعض الأغنياء المذنبين يفيد من غناهم الكثير من الصالحين فلعله لأجلهم لم يسلب الله منه نعمة الغنى.

وإما أن يكون غناه أو بقاؤه غنياً بعد ذنوبه وإصراره عليها استدراجاً له، فيظن أنه على خير فيزيد من ظلمه فيزيد عقابه، قال تعالى : {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} [ابراهيم : 42].

وقال صلى الله عليه وسلم : {إن الله عز وجل يملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته} رواه مسلم.

والظالم يشمل الظالم لنفسه والظالم لغيره، والظلم ذنب.

والعقاب بعد الاستدراج أصله في الآخرة، وقد يكون في الدنيا، فكم من غني تحول لفقير بطرفة عين؟ فلا يشترط أن يكون العقاب عقب الذنب مباشرة فقد يتأخر لسنوات لحكمة أرادها الله، كأن يزداد غناه فيزداد ألمه عند فقده لماله كله أو بعضه.

مع التنويه أنه ليس معناه أن كل غني تحول لفقير بسبب ذنوبه فقد يكون ابتلاء، قال تعالى : {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة : 155].

وهذا كله فيما لو كان الرزق المقصود في الحديث هو المال فقط، ويحتمل أن يكون معنى الرزق أوسع من ذلك - كما هو لغةً - فيشمل النعم المحسوسة وغير المحسوسة، وحينئذ لا تعارض ألبتة، إذ أعظم نعمة محروم منها الكافر المصر على كفره والفاسق المصر على فسقه هي الهداية، والكلام عن النعم يطول، وفيما ذُكر كفاية.

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2021/11/06

المفتي


قسم الإفتاء

قسم الإفتاء

المحتوى الخاص به