الفقه الإسلامي - الآداب و الأخلاق و الرقائق - الآداب - أحكام اللسان
رقم الفتوى 12794
نص السؤال مختصر

هل كل جدال محرم، يرجى التفصيل ؟ 

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

فالجدال منه المحمود ومنه المذموم :

أما المحمود فهو الذي يتوصل به إلى إظهار حق أو يوصل إلى مصلحة شرعية معتبرة، قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل : 125]، وقد جادل الصحابة دون أن ينكر أحدهم على الآخر، قال الخطيب البغدادي في كتابه الفقيه والمتفقه : [وقد تحاج المهاجرون والأنصار , وحاج عبد الله بن عباس الخوارج بأمر علي بن أبي طالب , وما أنكر أحد من الصحابة قط الجدال في طلب الحق].

وقد جادل الأئمة بعضهم ليصوب بعضهم بعضاً، وجادلوا أهل الباطل ليظهروا لهم الحق ويردوهم إليه، ودوّنوا الكثير من هذه المناظرات في كتبهم وتناقلوها فيما بينهم.

وحكم الجدال المحمود يدور بين المستحب كجدال أهل المعاصي بالحسنى لردهم لجادة الصواب، أو لمصلحة دنيوية : كمساومة الزبون للبائع مثلاً، لقوله صلى الله عليه وسلم : {احرص على ما ينفعك} رواه مسلم. 

وبين الواجب الكفائي كالدفاع عن دين الله ومحاججة أهل الباطل إن كان يتطلب جدالاً. 

وأما المذموم :

- فهو الذي لا فائدة منه، إذ يورث الضغينة ويقسي القلوب، وهذا مكروه. 

- أو الذي بغير علم، وهذا إن كان يتكلم في الدين فجداله محرم، قال تعالى : {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف : 33]

وإن كان الجدال بغير علم في غيره من علوم الدنيا فمكروه. 

- أو ينصر باطلاً عمداً، قال تعالى : {وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [الكهف : 56]

أو بغير عمد كمن يجادل أهل الباطل وهو ليس أهلاً لذلك فيوقع أهل الإسلام في الشك في دينهم بدل أن يمحق حجج أهل الباطل، وهذا النوع حرام بلا شك للضرر الناتج عنه. 

أما عن قوله صلى الله عليه وسلم : {أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً } رواه أبو داود. 

فهو الجدال الذي لا يتعلق بدين ولا يؤدي تركه إلى إضاعة حق، ولا مصلحة راجحة فيه لا ينبغي تفويتها، فهذا النوع من الجدال يستحب تركه، جاء في عون المعبود : [(في ربض الجنة) بفتحتين أي: ما حولها خارجا عنها تشبيها بالأبنية التي تكون حول المدن وتحت القلاع. كذا في النهاية. (المراء) أي: الجدال كسراً لنفسه كيلا يرفع نفسه على خصمه بظهور فضله].

وقال صاحب تحفة الأحوذي : [قال الإمام حجة الإسلام حد المراء الاعتراض على كلام الغير بإظهار خلل فيه إما لفظاً أو معنى أو في قصد المتكلم وترك المراء بترك الاعتراض والإنكار]. 

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2021/03/25

المفتي


قسم الإفتاء

قسم الإفتاء

المحتوى الخاص به