الحديث الشريف - الحديث - الحديث النبوي و ما يرشد إليه - شروح الحديث وما يرشد إليه
رقم الفتوى 12610
نص السؤال مختصر

ما صحة الحديث {علي ولي الله، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه واخذل من خذله} ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

فالحديث المذكور بنفس لفظه هذا لم أجده في شيء من مصادر الحديث المعتمدة. 

والجملة التي في أوله (علي ولي الله) لم أجدها بهذا اللفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث، رغم أن معناها صحيح ولا شك.

وعلماء المسلمين وعامتهم يعتقدون أن الخلفاء الراشدين أفضل الأمة وأتقاها بعد نبيها، ولا يشك في ولايتهم لله إلا مخذول، وعلي بن أبي طالب منهم، وهو ولي من أولياء الله قطعاً.

وأما الدعاء لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه في الحديث (اللهم وال من والاه وعادِ من عاداه واخذل من خذله) فهو (وإن كان قد ضعفه بعض العلماء) فهو صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وممن صححه الطحاوي وابن حبان والحاكم وغيرهم، وهو مروي ضمن روايات حديث غدير خم، وهي روايات كثيرة جداً رواها جمع كبير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حتى عدّ عدد من العلماء (كالسيوطي والمناوي وغيرهم) حديث غدير خم حديثاً متواتراً.

وحديث غدير خم له ألفاظ كثيرة مختلفة، من أشهرها ما رواه النسائي والطحاوي والحاكم وغيرهم عن زيد بن أرقم ، قال: 

(لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حجة الوداع ، ونزل غدير خم .. قال: "إن الله مولاي ، وأنا ولي كل مؤمن". 

ثم أخذ بيد علي فقال: "من كنت وليه ، فهذا وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه"). 

وروى النسائي وابن حبان والحاكم عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يومئذ ("ألستم تعلمون أني أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟" قالوا : بلى يا رسول الله

قال : "من كنت مولاه، فإن هذا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه")، 

وفي رواية عند أحمد وغيره (وانصر من نصره، واخذل من خذله). 

وأما قوله في الحديث (من كنت مولاه فعليٌ مولاه) فمعناه الولي والمناصر والمحب.

قال الإمام الشافعي رحمه الله:

[يعني بذلك ولاء الإسلام، وذلك قول الله عز وجل {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم}]. 

وقال الإمام الطحاوي: 

[المولى هاهنا هو الولي كما قال الله عز وجل {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}، .. فمن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولياً كان لعلي كذلك، وكذلك أصحابه رضوان الله عليهم بعضهم أولياء بعض]. 

وقال الإمام البيهقي:

[والمراد به ولاء الإسلام ومودته، وعلى المسلمين أن يوالي بعضهم بعضاً ولا يعادي بعضهم بعضاً ]. 

وليس هذا خاصاً بعلي رضي الله عنه، بل هو لكل مؤمن من الصحابة فمن دونهم.

وإنما نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم في حق علي لتأكيد مكانته عند الله وعند نبيه وعند المؤمنين لما تكلم فيه ناس من الصحابة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد عليه الصلاة والسلام أن يذب عنه وأن يوضح مكانته.

وليس في ذلك دلالة لما يدعيه الشيعة من أن النبي صلى الله عليه وسلم عيّنه خليفةً من بعده. 

قال الإمام البيهقي رحمه الله:

(وأما حديث الموالاة فليس فيه - إن صح إسناده - نص على ولاية علي "رضي الله عنه" بعده، فقد ذكرنا من طرقه في كتاب الفضائل ما دل على مقصود النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، 

وهو أنه لما بعثه إلى اليمن كثرت الشكاة عنه وأظهروا بغضه – يعني علياً رضي الله عنه -، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر اختصاصه به ومحبته إياه ويحثهم بذلك على محبته وموالاته وترك معاداته). 

وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه كان أهلاً لهذه المكانة الرفيعة من النبي صلى الله عليه وسلم ومن المؤمنين ولا شك، رضي الله عنه وأرضاه، وجمعنا به مع نبينا وصحابته في الفردوس الأعلى.

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2020/08/22

المفتي


د. براء يوسف حلواني

د. براء يوسف حلواني

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به