استشارات و نصائح - الاستشارات - استشارات متنوعة - الأسرة
رقم الفتوى 12274
نص السؤال مختصر

مقيم في بلد أجنبي ووضعي جيد وزوجتي تريد العودة للبلد لتربية الأبناء، مع أن وضع الشام ليس جيداً فما العمل وما الحكم ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

فالأمر يُدرس من ناحيتين :

الأولى، دنيوياً : فلا شك أن دول الغرب أفضل دنيوياً، إذ تسبقنا بسبعين سنة أو يزيد، ويتنعم المرء فيها بخدمات معيشية ومدخول شهري جيدين.

الثانية، دينياً : فالصحيح من أقوال أهل العلم حرمة الإقامة الدائمة في بلاد غير المسلمين إلا لضرورة، أما من أقام فيها مدة يسيرة يأمن فيها الضرر على نفسه ومن يعول فلا حرج {كطلب علم أو تجارة أو دعوة وغير ذلك}.

والتحريم مبناه الضرر المتحتم على المسلم جراء إقامته في تلك البلاد، سواء كان ضرراً عاجلاً أو آجلاً، وسواء كان على نفسه أو زوجه أو ولده أو حفيده، قال صلى الله عليه وسلم : {والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها}، وقال تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم : 6]

والنصوص التي تدور في رفع الضرر كثيرة جداً، منها :

قوله صلى الله عليه وسلم : {لا ضرر ولا ضرار}.

وقوله تعالى : {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة : 195] والمجتمعات الأوربية تهلكة إباحية ملحدة، قلّ من ينجو منها، ومعلوم أن الحكم للغالب، انظر حال الجاليات المسلمة التي سبقتكم بعقود، كيف دينهم ودين أزواجهم وأولادهم وأحفادهم ؟ وإن شق عليك ذلك فانظر حال الجالية السورية التي ليس لها إلا بضع سنوات في تلك البلاد، لكن انظر بإنصاف دون اتباع لهوى، سترى الضرر العظيم قد أصاب من دين كثير منهم مقتلاً، فإن لم تره فإنك سقيم.

أما حال الشام فليس بخفي على أحد، فيها من الغلاء وسوء الخدمات الكثير، لكن قل لي بربك أيهما أفضل : أن تنعم خمسين سنة ثم أنت يوم الحساب مستحقاً لعذاب جبار السماوات والأرض؟ {للنتائج التي ستجنيها من إقامتك والتي ستشهد بعضها في حياتك ويحدث الكثير منها بعد موتك}، أم تعيش في فقر يسلب منك السعادة والهناء خمسين سنة ثم تلقى الله وهو راضٍ عنك ؟

والأمر ليس محصوراً في الخروج إلى الشام بل إلى أي بلد إسلامي إن أمكن دخولها.
ومن يبتغي في خروجه من تلك البلاد رضى الله تعالى فيُعَد خروجه هجرة لله عز وجل، قال تعالى :{۞ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء : 100]

قال السعدي : [هذا في بيان الحث على الهجرة والترغيب، وبيان ما فيها من المصالح، فوعد الصادق في وعده أن من هاجر في سبيله ابتغاء مرضاته، أنه يجد مراغماً في الأرض وسعة، فالمراغم مشتمل على مصالح الدين، والسعة على مصالح الدنيا. وذلك أن كثيراً من الناس يتوهم أن في الهجرة شتاتاً بعد الألفة، وفقراً بعد الغنى، وذلاً بعد العز، وشدة بعد الرخاء. والأمر ليس كذلك، فإن المؤمن ما دام بين أظهر المشركين فدينه في غاية النقص] انتهى.

وقال ابن كثير : قوله : [( وسعة ) يعني : الرزق . قاله غير واحد ، منهم : قتادة ، حيث قال في قوله : ( يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ) أي ، والله ، من الضلالة إلى الهدى ، ومن القلة إلى الغنى]. انتهى.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2020/01/13

المفتي


قسم الإفتاء

قسم الإفتاء

المحتوى الخاص به