الفقه الإسلامي - نظام العقوبات ، الجهاد ، نظام الحكم - الحدود و الجنايات - أحكام الحدود و الجنايات
رقم الفتوى 12253
نص السؤال مختصر

هل هناك طريقة للانتحار أو الموت بطريقة لا تغضب الله سبحانه وتعالى ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

أولاً، إن من أكبر الكبائر قتل المسلم نفسه، قال صلى الله عليه وسلم : {من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم، يتردى فيه، خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومن تحسى سمّاً فقتل نفسه، فسمّه في يده، يتحسّاه في نار جهنم، خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده، يجأ بها في بطنه في نار جهنم، خالداً مخلداً فيها أبداً }.

ثانياً، قال صلى الله عليه وسلم : {إن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله}، فكيف بمن يأتي الكبائر ؟ فكيف بمن يأتي بأكبر الكبائر ؟

ثالثاً، ليس في الإسلام ما يشيع بين الملاحدة والمتفلتين من أن للمرء مطلق الحرية في جسده، فيغير فيه ما شاء، وينتحر متى وحيث ما شاء ، إذ الجسد أمانة من الله تعالى، والمؤتمن مسؤول أمام الله عزّ وجلّ حفظ أم ضيع ، قال تعالى : {وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} [الصافات : 24]، وقال عز وجل : {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر : 92-93]، وفي الحديث : {لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه}.

رابعاً، مهما ضاقت الأرض بما رحبت وغُلقت الأبواب فلا بد من فرج، والليل مهما طال فلا بد لشروق شمس يبدد الظلام، هل تذكر تلك الأيام العصيبة التي مرت عليك فيما مضى؟ لقد مضت وصارت ذكرى، وسيمضي اليوم كما مضت تلك الأيام، لكن الأهم ما حصده المرء في تلك الآونة، فالنتائج تبقى، والتفاصيل تُنسى.

تمعن في هذا الحديث : {شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له : ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا ؟ قال : " كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب ، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمنً هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون}.
أرأيت؟ يعذبون لقولهم ربي الله، وهم على حق دون أدنى شك، ثم ماذا؟ انتهى ذاك العذاب، وخُلدت أعمالهم عند رب السماوات والأرض، وما تفكر به ليس إلا وسواس من شيطان رجيم، يريدك أن تهوي في نار جهنم، {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85)} [ص : 82-85]
وقد حذرنا الله تعالى منه فقال :{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر : 6]، فاستعن بالله أخي وتضرع له أن يذهب عنك وساوسه والزم الصالحين ومجالسهم فذلك معين لك على دنياك.
نسأل الله أن يجبر كسرك، وأن يعلي شأنك، وأن تفيد الأمة من علمك وعملك.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/12/30

المفتي


قسم الإفتاء

قسم الإفتاء

المحتوى الخاص به