استشارات و نصائح - الاستشارات - استشارات متنوعة - هموم الشباب
رقم الفتوى 12137
نص السؤال مختصر

شاب مغترب في تركيا، ولا أستطيع الزواج ولا إتمام الدراسة لصعوبة اللغة، وإن بقيت أعمل مع والدي ستحدث لي بعض المشاكل لعدم توافقي معه، بالإضافة إلى أنني لن أتمكن من الاستقلال المادي، وأتمنى أن أصلي كل الصلوات في المسجد لكن المسجد بعيد عني، كما أتمنى أن أتعلم العلوم الشرعية وذلك متعذر علي، فما العمل؟

نص السؤال الكامل

وقد ذكر السائل بعض التفاصيل الأخرى، وفي السؤال المختصر أعلاه ذُكرت أهم القيود التي بنيت عليها الإجابة.

الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

بُني اعلم أنه في هذه الحياة لا يمكن للمرء تحصيل كل شيء يريده، فكيف إن أراد كل ذلك في آن واحد؟
ثم اعلم أن أغلب الناس كانوا مثلك وفي وضعك أو في وضع أصعب منه، ونظروا للأسباب الدنيوية مثلما نظرت أنت، فأهمهم ما أهمك من صعوبة تحقيق أي شيء وفق الظروف التي كانوا يعيشون فيها، ثم أكرمهم الله من حيث لا يعلمون، ولئن سألتهم كيف حصل ذلك؟ لأجمعوا جميعاً على قول كلمة لا نعلم، فتزوجوا واشتروا البيوت وتوسعت أعمالهم وكل ذلك خلاف الطريق الذي رسموه في مخيلتهم حين كانوا في عمرك.
المطلوب منك أمران :
الأول، أن تتقي الله وتلزم أمره، قال تعالى :{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً} [الطلاق : 2]
والثاني، أن تبذل ما في وسعك ما استطعت لذلك سبيلاً.

وتطبيق ذلك على التفاصيل التي ذكرتها فيما يتعلق بزواجك ودراستك :
أن تبرّ والديك، وتخدم والدك في محله ولا يضرك طول وقت العمل فما زلت في فترة الشباب، وأبوك أولى بك من نفسك، وببرهما يرفعك الله في الدنيا والآخرة.
واستغل طول وقت عملك فادرس في العمل، واعلم أن راحتك غداً حين تكبر واستقلالك المادي متعلق بتفوقك في الدراسة ثم تخصصك وعملك فيما تخصصت به، واليوم من يعمل فقط لمجرد أربع ساعات يومياً هم من اجتهدوا على أنفسهم البارحة، ولا يخوفنّك الشيطان من هاجس اللغة فمعلوم أن التركية أقل صعوبة من
الألمانية، وقد أتقن أغلب من في عمرك المتواجدون في ألمانيا الألمانية، فلست أقل منهم، وليسوا أفضل منك، بل وقد أتقن التركية الكثير من أبنائنا فلا يصدنّك الشيطان عن تفوقك في العلم.
وأما تعلم العلوم الشرعية فتعلم أولاً ما يجب على المسلم تعلمه، وهذا يمكنك تحصيله من اليوتيوب أو بحضور مجلس علم أسبوعياً في أي مسجد من المساجد التي حولك، وتركيا اليوم تعج بمجالس العلم الشرعي.

وصلاتك في المسجد إن كانت ستعطل عمل أبيك فصل في المحل ولا يضرك ذلك وحاول أن تصلي الفجر يومياً في المسجد فتعوض ما فاتك خلال النهار.

ولا تألم من رؤيتك للأغنياء فالله موزع الأرزاق، فإن كان جزاء أعمالهم الجنة فما ينتظرهم في الجنة خير مما بين أيديهم الآن، وإن كانت النار موعدهم فما يتنعمون به اليوم سينقلب عليهم غداً يوم القيامة حسرة وندامة، واعلم أنهم هم أيضاً لهم من الهموم ما لا تقدر على حمله وإن كان ظاهرهم أنهم على خير، فالخوف من فقدان المال وحده يسلب الراحة والطمأنينة.

أخيراً، اعلم أنك إن بذلت كل جهدك واتقيت الله ربك فلن يضيعك الله وسيزوجك ويتولاك أبداً ما حييت، كما تولى من كان قبلك.
نسأل الله أن يتولاك وأن يلهمك مافيه خير لك في الدنيا والآخرة.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/12/07

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به