استشارات و نصائح - الاستشارات - استشارات متنوعة - الدعوة
رقم الفتوى 11972
نص السؤال مختصر

كيف نقي شبابنا من التشكك بدينهم جراء سقوط بعض العلماء في زلات عظيمة ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :
فالعالم الحق هو العامل بعلمه، والعمل بالعلم يورث صلاحاً، فهو صالح عالم عامل.
فإن فقد أحد هذه الأركان الثلاثة لا يعدو أن يكون حامل علم ولا يكون عالماً بحق وإن ناداه الناس بأكبر الألقاب.
وحمل العلم وحده ليس منقبة ، إذ الفاسق قد يحمل علماً كذا المبتدع.
أما عن زلات العلماء فهي على ثلاث مراتب :
الأولى، ما يُغتفر، كمن اجتهد في مسألة علمية وأخطأ فيها، وفي ذلك قيل : إن زلات العلماء أقذار وهم بحار ، و إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث.
ومعناه أنها زلة تُغتفر في مقابل ما قدمه من كثير علم، ومن الإنصاف ألا يُعرَض عنه لخطأ علمي وقد بذل للعلم وقته وجهده، ومعلوم أنه لم يسلم من الخطأ أحد من العلماء، حتى كبار علماء الصحابة كحبر الأمة ابن عباس رضي الله عنه وغيره إلى يومنا هذا وإلى أن تقوم الساعة.

الثانية، زلة تجعله مستحقاً لعذاب الله تعالى، كتأييد الظالم وتبرير ظلمه، وهذه لا تعد اجتهاداً، بل ظلماً وعدواناً.

الثالثة، زلة تجعله خالداً مخلداً في جهنم، كمن جاء بقول خالف فيه معلوماً من الدين بالضرورة وخالف فيه أصول الدين، فهذه لا تسمى اجتهاداً بل خبثاً وضلالاً.

ولا شك أن المرتبة الثانية والثالثة تسلب منه صفته، فلا يسمى عالماً وإن ملأت كتبه الدنيا، بل فعله يستلزم منه الشك في علمه.

وكي لا تكون زلاتهم فتنة لغيرهم يُنصح بما يلي :

- عدم الاغترار بالألقاب التي تُطلق على أهل العلم فكثير منها مبالغ فيه ولا يصح، لأن منطلقه العاطفة لا الإنصاف.

- العلم بأن كل حي معرض لفتنة، وسقوطه محتمل مهما بلغت رتبته في الصلاح والعلم، وفي ذلك يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم :{وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء : 74]

تذكر قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة : 105]

الاقتداء بميت لا بحي، وفي ذلك يُروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ فَإِنَّ الْحَيَّ لَا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ.

نسأل الله أن يُسلِّمنا وأن يُسلّم منا.
والله تعالى أعلم.

الجواب الكامل
تاريخ النشر بالميلادي 2019/11/07

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به