استشارات و نصائح - الاستشارات - استشارات متنوعة - الدعوة
رقم الفتوى 11708
نص السؤال مختصر

أعيش في دولة أوربية، وأرسل طفلي منذ سنوات للمسجد ولكن حتى الآن لغته العربية ضعيفة، وهذه المشكلة تعاني منها أكثر الأسر التي ترسل أبنائها للمساجد، فما السبيل لنجاح الدورات المسجدية لنوصل ذلك لإدارة المسجد ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :
فلا يمكن المحافظة على الدين والتدين في تلك البلاد إلا بتوحيد جهود المسلمين فيما بينهم، ولعله من أهم ما يُتكلم عنه هو ما كان على مستوى المساجد والجمعيات الإسلامية، وينبغي أن تستهدف النشاطات ثلاث فئات من الجنسين : الكبار، والشباب، والصغار.
فالصغار لابد من تدريسهم ما يلي على الترتيب بحسب الأهمية :
اللغة العربية، تلاوة القرآن، حفظ قدر معين من كتاب الله مع حفظ قدر معين من الأحاديث الشريفة القصيرة مع شرحها، وينبغي أن تُنتقى الأحاديث بحكمة، فيتربى الطفل من خلالها تربية إسلامية.
ثم من أتقن منهم تلاوة كتاب الله بالتجويد، وصار على قدر كاف من الوعي يُعطى مبادئ العقيدة الإسلامية، و تفسير ما حفظه من كتاب الله.

أما فئة الشباب والكبار فعلى فرض أنهم ليس لديهم أي أرضية دينية، فيعطون مادة العقيدة، وتبدأ من إثبات وجود الله، وبراهين نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وصحة كتاب الله، ثم المستوى الثاني من مادة العقيدة وفيه شرح متوسط لأصول الدين، كما يعطون فقه العبادات فهم بحاجته يومياً لكونهم بلغوا الحلم. ثم إتقان تلاوة كتاب الله تعالى.

وينبغي الفصل بين الكبار والشباب لأن لكل منهم أسلوباً معيناً في الخطاب.

ونجاح مثل هذه المشاريع الصغيرة مبني على خمسة أركان :
أهل التخصص :
وهذه المشكلة تعاني منها أكثر المساجد، ألا وهي أن المعلم ليس أهلاً للتعليم، فيتربى الأطفال على الخطأ، مع أنهم أتوا للمسجد هرباً من الأخطاء والوقوع فيها.
وتدريس غير المؤهل يجعله يهتم بالكم لا بالكيف، فترى همه تحفيظ الأطفال القرآن الكريم مهملأ ما هو أهم من ذلك.

المال :
فالإتيان بالمختصين يحتاج المال، وهذا يمكن تحصيله من رفع الاشتراكات الشهرية للطلاب، ولا يُقال إنه برفعها سينسحب الكثير من الطلاب لامتناع الأهالي عن الدفع، إذ لا يوجد فقير واحد في الدول الأوربية، فامتناعه امتناع بخل وشح، والأهل مسؤولون أمام الله بتعليم أولادهم، وإنه من الظلم إيقاف نجاح بقية الطلاب لئلا ينسحب هؤلاء.

الإدارة الناجحة :
وينبغي انتقاء العاملين في المسجد، واختيار النخبة ممن جمعوا الفهم والخبرة مع الهمة العالية لإصلاح الأقلية المسلمة ومحيطهم من غير المسلمين.
فالإدارة الفاسدة إما تبطل النجاح وإما تنقصه، ولا يتمكن من حسن إدارتها إلا من له حظ وافر من الفقه، الفقه الشرعي وفقه الواقع، ومن المؤسف ما نراه من تسلم من لا يحسن الإدارة مستقبل مسلمي المدينة!
ولو فقه لعلم أنه مسؤول أمام الله تعالى.
والإدارة الناجحة لا يقتصر عملها على خطاب المسلمين فحسب، بل يتعدى ذلك لغير المسلمين بما يقوّم لهم معتقدهم وسلوكهم.

متابعة الأهل :
فإن الطفل لايمكنه الحضور في المسجد أكثر من يوم واحد أسبوعياً، وإن إهمال الأهل متابعة تعليم أطفالهم و بذل الجهد لهم يضيع جهد المدرسين، ويضيع على الطفل مستقبله ودينه ولغته.

المتابعة :
إذ تتعرض المساجد للكثير من المضايقات، من الداخل والخارج، وينبغي عدم التوقف مهما كلّف الأمر، ولو بقيت الدورة على طالب واحد، بل ولو أغلق المسجد.

أخيراً، ينبغي على الجميع بذل الوسع ما أمكن، والعلم بأن العمل الفردي لا يثمر بقدر العمل الجماعي، وهو أقرب للانهيار من الجماعي، لذا لا مناص من التعاون وإلا سقط النسل في ما لانهوض له منه، حينها لا ينفع الندم، ويقال : ولات حين مندم.
والله تعالى أعلم

تاريخ النشر بالميلادي 2019/09/09

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به