استشارات و نصائح - الاستشارات - استشارات متنوعة - الدعوة
رقم الفتوى 11499
نص السؤال مختصر

كيف تكون عشر ذي الحجة أجمل عشرة أيام في حياتي ؟ { برنامج العبادات }

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعدُ :
قال صلى الله عليه وسلم: { ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام }. يعني أيام العشر. قالوا : يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال :{ ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء }.

ولتكون من خير أيام المسلم فلابد من عدة أمور :
أوّلاً، التّوبة إلى الله تعالى، وهي فرصة مناسبة جداً، قال تعالى :{قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} [الزمر : 53]، ويُشترط لقبول التّوبة، في حقِّ الله تعالى، ثلاثةُ شروطٍ ، وهي الإقلاع عن الذّنب حالاً، والنّدم على فعله سابقاً، والعزم على عدم العودِ إليه، فإن كانت المعصية تتعلّق بحقِّ آدميٍّ، فيُزاد على ذلك شرطٌ رابعٌ، وهو ردُّ المظالم والحقوق إلى أهلها إن عرفهم، أو إنفاقها في مصالح المسلمين إن لم يعرفهم، فمن تحقّقت التّوبة في نفسه امتنع عن المنهيات ، ومن بابٍ أولى الامتناع عن مُتابعة المسلسلات والبرامج التلفزيونيّة المحرمة. 

ثانياً، الجزم بأنّه العشر الأخير له في هذه الدّنيا، وهذا الاعتقاد لابدَّ أن يكون في القلب لا على اللّسان، فمن يعلم يقيناً أنّه العشر الأخير له فيؤثّر ذلك على سلوكه تأثيراً كليّاً ،ويتّضح أثر هذا المعتقد بأن ينتفض و يُقبل على الله تعالى بالأعمال الصّالحة بهمّةٍ عاليةٍ والحرص على الوقت والقلب.

ثالثاً، البُعد عن الجدال، والتّخفيف من الطّعام والشّراب ما أمكن، فالطّعام يمنع الخشوع كما تمنعه الذّنوب.

رابعاً، الحرص التّام على تحويل العادات لعبادات، مثاله : من ينوي أنّه سينام ليستيقظ على صلاة الفجر وليكسب المال الحلال ليكفي زوجته و أولاده، وسيأكل ليُحافظ على عافيته حتّى يتمكّن من عمل الصّالحات ما أمكن والأمثلة تطول، { ولايُقصد أنّها بحدِّ ذاتها عبادة، إنّما هي وسيلةٌ لتأدية عبادةٍ مشروعةٍ، فالثّواب على النّيّة وليس على ذات فعل النّوم أو أكل الطّعام أو العمل }.

أمّا ما يُنصح به فيما يتعلّق بالعبادات :
فإنّ كميّتها تختلف من شخصٍ لآخر، ومن بلدٍ لآخر، ولكن بشكلٍ عامّ يُمكن الكلام عن حدٍّ أدنى وأعلى لكلِّ عبادة. 

الصّلاة : لغيرالمتفرّغ أداء الفجر والعشاء في المسجد. والأكمل الإتيان بكلِّ الصّلوات جماعةً في المسجد، فإن تعذّر فالصّلاة جماعة في البيت.

الصيام : أكمله صيام العشر، وأدناه صيام يوم عرفة، قال صلى الله عليه وسلم : { صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده }.
والمراد تكفير الذنوب الصغائر، فإن لم تكن صغائر يرجى التخفيف من الكبائر ، فإن لم يكن رفعت درجات كما ذكر النووي في شرحه على مسلم.

السنن الرواتب : أكملها أن تُصلى كلها، فإن تعذر فسنة الفجر والوتر.

الصّدقة : فالفقير يُخرج جزءاً منها في كلِّ يومٍ، ومتوسّط الحال يُخرج صدقة الأيام العشرة دفعة واحدة، وقبل العيد بيومين أو ثلاثة، بذلك يجد الفقير بين يديه مبلغاً جيداً في وقت يتمكن فيه من شراء حاجاته قبل العيد.
والغنيُّ لايقبل إلّا أن يُسارع بالخيرات، { والمقياس عند الله تعالى : الدّرهم صدقةٌ ممّن لايملك إلّا عشرة دراهم أفضل من ألف درهم صدقة ممّن يملك مليار درهم }.

الدّعاء : وهو موسمٌ لمن ألقى الله في قلوبهم محبّة الدّعاء، وأدناه عند الفطر وفي السحَر، ومواطنه المستحبّة الأخرى : في السّجود ودُبر الصّلوات المفروضات وعند نزول المطر وبين الأذان والإقامة وغير ذلك.

الذّكر : أدناه أذكار الصّباح و المساء و قبل النّوم وأدبار الصّلوات، وأفضل منه من زاد بأن يذكره في عمله و طريقه و أثناء تصفّحه لهاتفه وغير ذلك، و خلوةُ العبد بربِّه يوميّاً لدقائق يذكره بها { بالأذكار الواردة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم }، مع الحرص على قراءة معنى الأذكار ليتحقّق أثرها في النّفس.
ويسن الإكثار من التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح في أيام العشر ، والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة ، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى .
ومن صيغ التكبير :{ الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد }، أو { الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد }.

قيام اللّيل : أكمله القيام بما تيسر بعد العشاء ، والتهجّد عند السحَر، فإن تعذّر فالاقتصار على التهجد أفضل.

القرآن : الأكمل قراءة عشرة أجزاء تفسيرٍ وهي أفضل من قراءة ختمة كاملة دون تفسيرٍ ودون فهمٍ، إذ في قراءة التّفسير قراءة قرآنٍ ضمنها، والقرآن نزل لفهمه و تدبّره والعمل به وليس لمجرّد القراءة، فإن تعذر فقراءةُ تفسير خمسة أجزاء أو ما تيسر.

طلب العلم : ويكون بدراسة العلوم الشّرعيّة أوالدّنيويّة بنيّة خدمة الأمّة الإسلاميّة، وأدناه مُتابعة دروس العلم القصيرة عبر وسائل التّواصل، وأفضله حضور هذه المجالس في المساجد.

الدّعوة : وتكون بكل علمٍ نافعٍ، وذلك ببذل العلم وتدريسه لمن يحتاجه سواءٌ كان العلم دينيّاً أم دنيويّاً، وأدناه إرسال المقاطع الدّينيّة الدّعويّة النّافعة لمن حولنا { بدون إكثار كي لايملّوا، ولعالِمٍ له قبولٌ عند النّاس عامّة وعند المُرسل إليه خاصّة }.

صلة الرّحم : أدناها رسائل نصيّة عبر وسائل التّواصل تخصُّه بها { ولايُقصد بها تلك الّتي تُرسل للجميع }، وأكملها صلة المال وقضاء الحاجة. { والأفضل وضع قائمةٍ بأسماء الأرحام فيصلُ كلاً منهم بحسب حاله إمّا برسالة أو مكالمة أو مال وغير ذلك }.

نسأل الله أن يُعيننا و يتقبّل منا وأن يبارك لنا في أوقاتنا.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/08/02

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به