الفقه الإسلامي - المعاملات المالية - أحكام الإجارة - أحكام العمل والوظائف
رقم الفتوى 11462
نص السؤال مختصر

حكم العمل في المساجد بالأسود لامتناع إدارة المسجد من تسجيل عملي ولحاجة المسجد والمسلمين لتدريس القرآن والعربية؟

نص السؤال الكامل

أنا امرأة مطلقة أعيش في بلد اوربي مع أولادي الخمسه بعد أن طلقني زوجي بعد ٢٧ عاما من الزواج ليتحول إلى رجل أوربي يعيش وحده مستمتعا بحياته بدون أي مسؤولية أو التزام تجاه أولاده لينسلخ من كل وعوده باننا في الغربه سنكون يدا واحدة تربي اولادنا و تحميهم باذن الله من براثن الغربة و من وحش أوربا بكل ما يحمله من ضياع و تفلت كنت انا و اولادي اول ضحاياه وقد تخلى عنا زوجي الذي عهدته سابقا متدينا محافظا يقدر المسؤولية ..لكن هذا الشخص تبدل في اوربا و طلقني و انسحب ليترك على عاتقي مسؤولية تربية اولادي في بيئة مخيفة و رعايتهم بعيدة عن أهلي و صديقاتي..حاولت بعد طلاقي العمل في تعليم اللغه العربيه و القرآن الكريم للأطفال في المسجد مقابل راتب بسيط لكن دون وجود عقد نظامي و قانوني و قد طلبت من إدارة المسجد انشاء عقد نظامي لكنهم اعتذروا بأن ذلك سيترتب عليه التزامات كبيرة و ضرائب على عاتقهم و هذا العمل يطلق عليه اسم العمل بالأسود فأصبحت في حيرة بين الاستمرار في العمل في تعليم اللغه العربيه و القرآن الكريم للأطفال المسلمين الذين و للأسف الشديد لا يعرفون كتابة أسمائهم باللغه العربيه و لا يعرفون عن الإسلام شيئا وبين ترك العمل في المسجد لما فيه من مخاطر في حال اكتشفت الحكومه هذا و ما يترتب على ذلك من مساءلة قانونية لا سمح الله أو غرامات باهظة و أيضاً لأنني قرأت فتوى بأن العمل الأسود محرم و بأن الراتب منه حرام فأصبحت أنفقه على الأولاد في المسجد كهدايا أو وسائل ايضاح خوفا من أكل الحرام و السؤال الثاني هل يجوز أن أسدد من هذا المال الذي آخذه من عملي في المسجد الديون التي استدانها طليقي من أهلي لمساعدتنا على تكاليف اللجوء لأنه وعدهم بسدادها بعد سنه و لكنه حتى الآن لم يسدد شيئا و قد مر حوالي أربع سنوات لأنني في حرج منهم و لأنني أعلم أنهم ساعدوه لأنه زوجي ؟ 

الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله، والحمدلله ،والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعدُ :

إني لك ناصح أمين :

عودي للشام مهما كلف الأمر ومهما شق عليك الفقر هناك، فإن قتالك وحدك في هذه البيئة غالباً سيودي بأولادك إلى التهلكة، فهم بين خطر التفلت أو الإلحاد.
ويقيناً هم كذلك ما لو فقدوا أمهم بالموت، والموت لايعرف عمراً ، فكم من شاب هرب من الموت من بلده فمات في دول الغرب ؟

أما الحكم الشرعي :
فيحرم العمل بالأسود،

والمال المكتسب منه مختلط { أي حلال وحرام }، فهو حلال كله إلا المبلغ الذي تقتطعه الدولة عادة ما لو كان العمل مسجلاً عندهم {أي الضرائب}، 

والتحريم يكون من جانبين :
الأول: مخالفة قانون وضعي متفق عليه بين المقيم والدولة { وهو اتفاق حكمي لمجرد قبوله الإقامة في بلدهم فكأنه وافق على كل قوانينهم التي لاتخالف حكماً شرعياً }، لقوله صلى الله عليه وسلم : المسلمون عند شروطهم }، ولأن مخالفته تشوه صورة الإسلام والمسلمين ما لو كُشف.
الثاني: أنه اقتطع مالاً من المال العام، وهي نسبة الضرائب التي لم يدفعها، ولايُقال إنه يتصدق بها كما لايُقال بجواز السرقة والتصدق بالمسروق.

والبديل الشرعي إما أن تُسجل إدارة المسجد عملك في الدوائر الحكومية.
أو تخبريهم أن عملك معهم سيكون تطوعياً، عندها إن أعطوكِ مكافأة يومية أو شهرية قلّت أو كثرت فلا حق للدولة في ما أعطوك إياه، وإن لم يُعطوك شيئاً فلايحق لك مطالبتهم بشيء.
نسأل الله أن يتقبل منك.
والله تعالى أعلم

تاريخ النشر بالميلادي 2019/07/26

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به