العقيدة الإسلامية - العقيدة - الإيمان و التوحيد - أركان الإيمان
رقم الفتوى 11439
نص السؤال مختصر

كيف أميز إن كان ما أصابني امتحان أم عقوبة ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

أولاً: هذا السؤال يدل على مقام عالٍ في الإيمان والطاعة، إذ من التوفيق أن يسعى الإنسان إلى تمحيص نفسه من الذنوب جميعاً والبحث عن عيوبه والتخلص منها ...
ثانياً: قال تعالى: [بل الإنسان على نفسه بصيره ولو ألقى معاذيره]
فالإنسان عندما يقترف ذنباً أو ذنوباً ثم تأتيه مصيبة أو مصائب يستطيع القول بأنها بسبب تلك الذنوب
فإن كان قد تاب منها فلينظر هل تحققت عنده شروط التوبة ؟
هل ندم بالفعل على ما صدر منه؟
هل عزم عزماً جازماً على عدم العودة ؟
هل أرجع الحقوق كاملة إلى أصحابها؟
هل مد يديه في أوقات الإجابة متضرعاً إلى الله تعالى أن يعفو عنه ويغفر له ويقبل توبته ؟
إذا كان قد فعل كل ذلك فليجزم بأن الله تعالى قبل توبته، وأن ذنوبه قد مُحيت بإذن الله ..
قال تعالى: [ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم؟]
فإن وقعت عليه بعد ذلك مصائب فقد تكون ثمة ذنوب فعلها وهو لا يشعر بها، قال صلى الله عليه وسلم :{أيها الناس اتقوا هذا الشرك ؛ فإنه أخفى من دبيب النمل }. فقال أحدهم: وكيف نتقيه، وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال:{ قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلم }(1).
فمن ذا الذي خلا من الذنوب والمعاصي واللهو والغفلات؟ وخاصة في هذا الزمان الذي لا يكاد الإنسان يفتح فيه جواله إلا وتقع عيناه على حرام، ولا يكاد يجلس مجلساً إلا ويقع في غيبة إنسان ، ولا يكاد يأكل مالاً إلا وقد تلوث بالحرام، وقد كان من دعاء المصطفى عليه الصلاة والسلام:{ إن تغفر اللهم تغفر جما، وأي عبد لك لا ألم }(2) أي: وأي عبد لم يقع في اللمم؟ واللمم هو صغائر الذنوب.
ومع ذلك فقد يكون ما يقع على الإنسان من المصائب اختباراً لقوة إيمانه، أو ابتلاءً لرفع درجاته ... وفي الحالين لا يستغني الإنسان عن الصبر وعن ملازمة الاستغفار ... قيل للحسن البصري : ألا يستحيي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ، ثم يستغفر ثم يعود ؟ فقال : ود الشيطان لو ظفر منكم بهذا ، فلا تملُّوا من الاستغفار .
والله تعالى الموفق.

 

(1) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٧٦٦٩) أخرجه أحمد والطبراني في الكبير والاوسط ورجاله رجال الصحيح غير ابي علي ووثقه ابن حبان
وأخرج ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وصححه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{ الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل }.

(2) أخرجه الترمذي في جامعه وقال حسن صحيح غريب.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/07/19

المفتي


الأستاذ محمّد صلاح تقوى

الأستاذ محمّد صلاح تقوى

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به