استشارات و نصائح - الاستشارات - استشارات متنوعة - الدعوة
رقم الفتوى 11113
نص السؤال مختصر

ما السبيل لخشوع القلب في رمضان ؟ ومابرنامج العبادات الأنسب لهذا الشهر الفضيل ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعدُ :

فخشوع القلب ليس غايةً ، إنّما هو أثرٌ لصلاح القلب، ولإصلاح القلب يُنصح بعدّة أمور :

أوّلاً، التّوبة إلى الله تعالى، فرمضان فرصةٌ مناسبةٌ لترك العادات السّيئة { كالتّدخين والعادة السريّة والنّظر المحرّم وغير ذلك }، ويُشترط لقبول التّوبة، في حقِّ الله تعالى، ثلاثةُ شروطٍ ، وهي الإقلاع عن الذّنب حالاً، والنّدم على فعله سابقاً، والعزم على عدم العودِ إليه، فإن كانت المعصية تتعلّق بحقِّ آدميٍّ، فيُزاد على ذلك شرطٌ رابعٌ، وهو ردُّ المظالم والحقوق إلى أهلها إن عرفهم، أو إنفاقها في مصالح المسلمين إن لم يعرف أهلها، فمن تحقّقت التّوبة في نفسه امتنع عن المنهيات ، ومن بابٍ أولى الامتناع عن مُتابعة المسلسلات والبرامج التلفزيونيّة. 

ثانياً، الجزم بأنّه رمضان الأخير له في هذه الدّنيا، وهذا الاعتقاد لابدَّ أن يكون في القلب لاعلى اللّسان، فمن يعلم يقيناً أنّه رمضان الأخير له فيؤثّر ذلك على سلوكه تأثيراً كليّاً ،ويتّضح أثر هذا المعتقد بأن ينتفض و يُقبل على الله تعالى بالأعمال الصّالحة بهمّةٍ عاليةٍ والحرص على الوقت والقلب.

ثالثاً، البُعد عن الجدال، والبحث عن مسجدٍ متّع الله إمامه بصوتٍ جميلٍ، والتّخفيف من الطّعام والشّراب ما أمكن و بالأخصِّ قبل التّراويح، فالطّعام يمنع الخشوع كما تمنعه الذّنوب.

رابعاً، الحرص التّام على تحويل العادات لعبادات، مثاله : من ينوي أنّه سينام ليستيقظ على صلاة الفجر وليكسب المال الحلال ليكفي زوجته و أولاده، وسيأكل ليُحافظ على عافيته حتّى يتمكّن من عمل الصّالحات ما أمكن والأمثلة تطول، { ولايُقصد أنّها بحدِّ ذاتها عبادة، إنّما هي وسيلةٌ لتأدية عبادةٍ مشروعةٍ، فالثّواب على النّيّة وليس على ذات فعل النّوم أو أكل الطّعام أو العمل }.

أمّا ما يُنصح به فيما يتعلّق بالعبادات :

فإنّ كميّتها تختلف من شخصٍ لآخر، ومن بلدٍ لآخر، ولكن بشكلٍ عامّ يُمكن الكلام عن حدٍّ أدنى وأعلى لكلِّ عبادة. 

الصّلاة : لغيرالمتفرّغ أداء الفجر والعشاء في المسجد. والأكمل الإتيان بكلِّ الصّلوات جماعةً في المسجد، فإن تعذّر فالصّلاة جماعة في البيت.

قيام اللّيل : أكمله التّراويح في المسجد، والتهجّد عند السحَر، فإن تعذّر فالصّلاة منفرداً في البيت.

القرآن : فقراءة ختمة تفسيرٍ أفضل من قراءة عدّة ختمات دون تفسيرٍ ودون فهمٍ، إذ في قراءة التّفسير قراءة ختمة قرآنٍ ضمنها، والقرآن نزل لفهمه و تدبّره والعمل به وليس لمجرّد القراءة، والحدُّ الأدنى قراءةُ تفسير خمسة أو عشرة أجزاء، والأكمل قراءة ختمةِ تفسيرٍ كاملة.

الصّدقة : فالفقير يدّخر صدقته للعشر الأخير من رمضان و يُخرج جزءاً منها في كلِّ يومٍ في الأيّام المفردة لعلّها تُصادف - إن شاء الله - ليلة القدر، ومتوسّط الحال يبدأ من أوّل يومٍ في رمضان فيتصدّق كلَّ يومٍ ولو باليسير، فإن كان المبلغ يسيراً جدّاً، ادّخر الصّدقة اليوميّة في محفظة و تصدّق بها آخر رمضان، والغنيُّ لايقبل إلّا أن يُسارع بالخيرات، { والمقياس عند الله تعالى : الدّرهم صدقةٌ ممّن لايملك إلّا عشرة دراهم أفضل من ألف درهم صدقة ممّن يملك مليار درهم }.

الدّعاء : وهو موسمٌ لمن ألقى الله في قلوبهم محبّة الدّعاء، وأدناه عند الإفطار و في السحَر، ومواطنه المستحبّة الأخرى في السّجود ودُبر الصّلوات المفروضات وعند نزول المطر وبين الأذان والإقامة وغير ذلك.

الذّكر : أدناه أذكار الصّباح و المساء و قبل النّوم وأدبار الصّلوات، وأكمله أن يذكره في عمله و طريقه و أثناء تصفّحه لهاتفه وغير ذلك، و خلوةُ العبد بربِّه يوميّاً لدقائق يذكره بها { بالأذكار الواردة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم }، مع الحرص على قراءة معنى الأذكار ليتحقّق أثرها في النّفس.

طلب العلم : ويكون بدراسة العلوم الشّرعيّة أوالدّنيويّة بنيّة خدمة الأمّة الإسلاميّة، وأدناه مُتابعة دروس العلم القصيرة عبر وسائل التّواصل، وأفضله حضور هذه المجالس في المساجد.

الدّعوة : وتكون بكل علمٍ نافعٍ، وذلك ببذل العلم وتدريسه لمن يحتاجه سواءٌ كان العلم دينيّاً أم دنيويّاً، وأدناه إرسال المقاطع الدّينيّة الدّعويّة النّافعة لمن حولنا { بدون إكثار كي لايملّوا، ولعالِمٍ له قبولٌ عند النّاس عامّة وعند المُرسل إليه خاصّة }.

صلة الرّحم : أدناها رسائل نصيّة عبر وسائل التّواصل تخصُّه بها { ولايُقصد بها تلك الّتي تُرسل للجميع }، وأكملها صلة المال وقضاء الحاجة. { والأفضل وضع قائمةٍ بأسماء الأرحام فيصلُ كلاً منهم بحسب حاله إمّا برسالة أو مكالمة أو مال وغير ذلك }.

الاعتكاف : أكمله اعتكاف العشر الأواخر في مسجد الحيّ، أو ماتيسّر من أيّام رمضان.

نسأل الله أن يُعيننا و يتقبّل منا وأن يبارك لنا في أوقاتنا.

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/05/03

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به