من المشاكل التي يواجهها المفتي على وسائل التواصل = ردة فعل بعض المتابعين غير المنضبطة، بين تجريح وتسفيه للفتوى وللمفتي، وهذا منبعه :
أولاً، عدم احترام العلماء :
ودليله الألفاظ المستخدمة عند بعض المنتقدين، وهذه مصيبة، إذ كيف تُفلح أمة لا تُوقر علماءها ؟
ثانياً، الجهل :
وهو رد البعض الفتوى فقط لأنها خلاف القول الفقهي الذي عهدوه وتربوا عليه، ولو تعلموا لعلموا مواطن اختلاف الفقهاء ومواطن اتفاقهم ولقل إنكارهم.
ثالثاً، اتباع الهوى :
فالبعض إن لم تناسبه الفتوى أو حَكمتْ عليه لا له طالب بالدليل، مع أنه هو نفسه لا يطالب طبيبه بالدليل على صحة تشخيصه لمرضه وكون الدواء الذي وصفه له من الأدوية الفعالة والمناسبة للتشخيص.
وإن ناسبته احتفى بها دون أن ينتبه أصلاً إن احتوت على دليل أو خلت منه.
وهذا نراه كثيراً عند طائفة من النساء خاصة في الأحكام الأسرية، فإن كانت الفتوى تنصرها على زوجها {على افتراض أنها معركة كما تتصورها بعض النساء} أو تلزمه بشيء تجاهها = قدستها وتمسكت بها، وإن ألزمتها الفتوى بشيء لا تحبه أو سلبت منها أمرا كانت نفسها تظن أن لها حق فيه = ردتها بكل الطرق المتاحة وغير المتاحة، وهذا عين اتباع الهوى.
ملاحظات :
- لا يُقصد مما ذُكر أن الموقع وكادره يعانون من هذا الأمر، إذ بفضل الله تعالى تفاعل أكثر المتابعين جيد، ولكنها مشكلة الأعم الأغلب من المفتين في شتى بقاع الأرض، فلزم تسليط الضوء عليها.
- لا يُقصد المثال المذكور عن بعض النساء أن كل النساء هذه حالهم، كما لا يُقصد أن الرجال لا يصدر منهم مثل هذه الأفعال.
- لا يُقصد أن مراد المفتي ألا يطلب المستفتي الدليل على فتواه، بل إن المفتين - عموماً - كثيراً ما يذكرون أدلتهم، ولكن في بعض الفتاوى يغيب الدليل اختصارا أو اكتفاء بشهرته، أو لصعوبة تبيينه إذ من الأدلة ما يخفى وجه الاستنباط منها على غير المختص، فذكرها حينئذٍ يُعقّد الفتوى، وقد يغيب الدليل لأن الدليل مستنبط من ثلة كبيرة من النصوص شرعية كالمقاصد الشرعية، فذكر كل هذه الأدلة وبيان وجه الاستنباط منها أمر عسير.
- لا يُقصد عدم تقبل النقد، بل يرحب به العلماء والمختصون إن كان نقداً بناءً عن علم وبأدب، أما الانتقاد الهادم النابع عن جهل وسوء أدب فلا يقبله أحد.
- ردود الفعل غير المنضبطة مشكلة أغلب من يقدم الخير على وسائل التواصل من علماء وباحثين ومدرسين وغيرهم، والذي ينبغي عليهم عدم التوقف عن إيصال الخير للخلق لإساءة البعض، إذ لو توقف كل من تعرض لمثل هذه المواقف لتوقف الرسول صلى الله عليه وسلم عند أول أذية نالها ولما وصلتنا رسالة الإسلام.
والله المستعان.