إدارة الموقع
يُخيل إلى بعضنا أن أحدنا لمجرد إتيانه العمل الصالح يُكتب له في صحائف أعماله ويلقاه يوم القيامة مستبشراً مسروراً، والحق أن الأمر أعقد من ذلك، فما يُدريه أن عمله لم تشوبه شائبة رياء وأنه قد قُبلَ ؟ فكم منا ممن أتى بالصالحات لحظِّ نفسه، أو لما يقتضيه العرف؟ أو مخافة كلام الناس؟ خاصة أن القبول أمر غيبي لا يُعرف في الحياة الدنيا.
ثم على فرض أن عمله قد قُبلَ فما يدريه أنه قد سَلِمَ له إلى أن مات ؟ فكم من عمل قد حُبط بمنّ فاعله وأذاه؟ وأذاه قد يكون كلمة أو تعريضاً أو ابتسامة سوء، أو شيئاً من العجب أو الكبر قد وقر في قلبه.
قال صلى الله عليه وسلم : {كم من صائمٍ ليس له من صيامهِ إلَّا الظمأُ وكم من قائمٍ ليس له من قيامهِ إلَّا السهرُ}.
فما أعظم مصيبة من بنى مسجداً لله وقد أنفق عليه الجهد الكثير والعمر الطويل والملايين الكثيرة وأفاد منه مئات آلاف المصلين وآلاف طلبة العلم ومئات العلماء وعلى مدار سنوات طويلة، ثم كان عمله مردوداً في وجهه لخللٍ في نيته أو لمرضٍ في قلبه، وهو لا يشعر بل يظن أنه بعمله هذا سينجو يوم القيامة.
لذا فينبغي على المسلم أن يكون تجاه أعماله الصالحة على وجلٍ، مراقباً لقلبه ولسلوكه أثناء إتيانها، يَخشى عليها ألا تُقبل أو تُقبل ثم تُحبط، قال تعالى : {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون : 60].
واللهَ ندعو أن يرزقنا الغنيمة من كل بر وأن يتقبل منا وأن يحفظها علينا إلى يوم نلقاه وهو راضٍ عنا.
والله تعالى أعلم.