قسم الإفتاء
[المنشور الأول]
من يجد في تطبيقه لأحكام الطهارة حرجاً ومشقة وتستهلك من وقته الكثير الوافر ، فهذا دليل على سوء فهمه للأحكام الفقهية وكيفية تطبيقها ، مهما ظن نفسه أنه متقن في تطبيق ما تعلمه في الكتب وحلقات المساجد، قال تعالى :{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج : 78]، وقال عز وجل : {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة : 185].
[المنشور الثاني]
إن الوسوسة الصادرة عمن تعلّم أحكام العبادات داءٌ ينغصّ حياة صاحبه ويصدّ غير المتعلم عن التعلم وعن المتدينين أصلاً ، وأثره أكبر من أن يُخفى، وعدم السعي في علاجه إساءة للدين وأهله.
[المنشور الثالث]
إن سلوك منهج الأخذ بالأشد من أقوال الفقهاء يخرج من التورع إلى التعنتٌ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {هلك المتنطعون} قالها ثلاثاً .
قال النووي في شرحه : [أي : المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم].
وسلوك منهج تتبع الرخص اتباع للهوى، قال تعالى : {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ} [القصص : 50].
وأجاز العلماء الأخذ بالأيسر عند الحاجة.
[المنشور الرابع]
عند عمل المُصاب {بالوسوسة} بالأيسر من أقوال العلماء المعتبرة لحاجة {لعلاج وسوسته} فإن الشيطان لن يترك نفسه تهدأ بل يبذل جهده ليشعره بأن صلاته لم تُقبل، أو أن وضوءه لم يصح، أو أن ثوبه لم يطهر، ويبتغي الشيطان من كل ذلك أن يعيد المُصاب ما فعله من صلاة وغيرها، والصواب ألا يعيد بحال.
[المنشور الخامس]
من القواعد الفقهية التي لا بد من الرجوع إليها لعلاج داء الوسوسة قاعدتان :
الأولى، اليقين لا يزول بالشك : ومن تطبيقاتها أنه من تيقن الوضوء وشك في انتقاضه فهو على وضوء.
ومن وقع ثوبه على أرض شك بنجاستها فثوبه طاهر.
والثانية، المشقة تجلب التيسير : ومن تطبيقاتها ما ذكره الفقهاء في النجاسات المعفو عنها :
[من كتب الحنفية :
اتفق العلماء على جواز صلاة المستنجي بالأحجار فقط، ومعلوم أن الاستنجاء بالأحجار لا يستأصل النجاسة بل يقللها، فدل على أن قليل النجاسة عفو.
وقدروا المقدار المعفو عنه من النجاسة بالدرهم وزناً في النجاسة الجامدة، ومساحة {أي مساحة الدرهم} في المائعة.
من كتب المالكية :
- يُعفى عن أثر النجاسة على السبيلين {أي القبل والدبر}، بعد إزالة عين النجاسة، ولا يجب غسله ما لم ينتشر كثيراً، فإن انتشر تعين غسله بالماء.
- ويُعفى عن ثوب الجزار {اللحام} أو بدنه، ونازح {منظف} المراحيض، والطبيب الذي يعالج الجروح.
- ويُعفى عما يصيب ثوب العلّاف، أو بدنه، أو مكانه، من بول أو روث خيل أو بغال أو حمير، وذلك لمشقة الاحتراز.
- وعن ثوب مرضعة، وجسدها، إن اجتهدت في التحفظ.
- والرِّجل المبلولة إذا مشى على نجاسة ثم على موضع طاهر جاف.
من كتب الشافعية :
- طين الشارع الذي يصيب ثوب الإنسان ولو كان متيقناً نجاسته، لأنه يتعذر الاحتراز عنه.
- الميتة التي لا نفس لها سائلة إذا وقعت في مائع {كالعصائر مثلاً} كالذباب والبعوض والنمل شريطة أن تقع بنفسها ولم تؤد إلى تغير المائع.
من كتب الحنابلة :
- ومن الطاهرات : دم الشهيد الذي عليه ولو كثر.
- ومن الطاهر : بول سمك ونحوه مما يؤكل.] انتهى.
وقد اخترت هذه الباقة من الأحكام ليرى المُصاب بالوسوسة بأن الأمر واسع فلا يضيقن على نفسه.
[المنشور السادس]
ومن تطبيقات قاعدة المشقة تجلب التيسير :
ما نص عليه المالكية فيمن لازمه الشك في صلاته {وهو الذي يشك في عدد ركعات كل صلاة أو في كل وضوء، أو كل يوم مرة، أو يشك يوماً وينقطع عنه الشك يوماً } فقالوا الأصل أنه يبني على الأقل {أي إن شك أنه صلى ثلاث ركعات أو أربعاً ، فيبني على الأقل، فيعدّ أنه صلى ثلاثاً، لكن في حالة من لازمه الشك فيبني على الأكثر، أي يعد نفسه مصلياً لأربع ركعات إن شك أنه صلى ثلاث ركعات أو أربعاً.
قلت : كذا الشك في السجود والركوع وغيرهما.
بل حتى فيمن لازمه الشك هل اطمأن في القعود بين السجدتين أو بعد القيام من الركوع أَم لا.
وهذا العلاج هو العمل بالظن لطرد الوسواس، وهو استثناء لقاعدة اليقين لا يزول بالشك {التي سبق بيان بعض تطبيقاتها في منشور سابق}.
والله تعالى أعلم.
[المنشور السابع]
قرأت أنه يجب أن تكون النية مقارنة لتكبيرة الإحرام، وهذا الأمر أتعبني حتى صرت أعيد تكرار التكبير أكثر من مرة لأتيقن صحته، فما علاج هذا الوسواس ؟
رابط الإجابة :
http://www.al-ghofran.com/fatwa-single.php?id=2379
[المنشور الثامن]
أعاني من وسواس قهري في صلاتي عند تلاوة الفاتحة، فبعد تعلمي للتجويد وأخذ الإجازة ومادة الفقه أصبحت أكثر دقة و تأكيداً لتلاوة الفاتحة في الصلاة بشكل صحيح (لأنها إن صحت كانت الصلاة مقبولة وإلا فلا) أكثر من اللزوم وإخراج الحروف من مخارجها، والتشديد الزائد، ورفع الصوت قليلاً، والإعادة عند الشك بأنني قلت الحرف بشكل خاطىء، خاصة في الصلاة السرية لعدم تأكدي من أنني لفظت الحرف بشكل صحيح، فمثلاً في قول الله (غير المغضوب) أظن أنني أقلب الغين خاء، فأكررها وأنا متأكدة في النهاية أن الحرف خرج أقرب الى الخاء لأنها صلاة سرية، أعاني جدا لدرجة صارت الصلاة ثقيلة علي، هل إن تلوت الفاتحة بشكل خاطىء تبطل الصلاة ؟ أم إن الله يقبلها لو لم تكن صحيحة مئة بالمئة ؟ وهل يجب إسماع نفسي في كل حرف أتلوه فعلاً (كما أخذت بالفقه) فأنا أرفع صوتي أكثر من غيري لدرجة أحياناً بعض الكلمات تصبح جهرية، فما الحكم وما العمل ؟
رابط الإجابة :
http://www.al-ghofran.com/fatwa-single.php?id=2383
[المنشور التاسع]
من مداخل الشيطان الورع، فبعد علم الموسوس بعلاج حالته يدعوه بأن يعيد فعل ما كان عليه بحجة أنه لو أعاد الصلاة مثلاً في هذه المرة ليتيقن صحتها فلن تضره الإعادة، كونها فقط هذه المرة، وفي الصلاة التالية يُعاد ذات المشهد، وهكذا إلى أن يتحول الورع إلى وسواس قهري.
[المنشور العاشر]
في المنزل خصوصاً عند وجود الأطفال ومثلهم الناس الذين لا يبالون بأمور الطهارة، نجدهم يدوسون بالأحذية المبتلة التي كانوا فيها في الخلاء على السجاد، فما حكم السجاد؟ ومسكات الحنفيات والأبواب، وبربيش الحمام نفسه، خصوصاً أن هناك كثيراً من الناس يبول واقفاً والبربيش مرمي على الأرض، مثل ذلك رذاذ الماء الذي يحصل أثناء الاستحمام للجدران أو الملابس المعلقة، لاسيما في الحمام الضيّق، ومثله لو استعمل شخص المنشفة ثم أخذتها لأستعملها،أمر آخر : كانت الغسالة الأوتوماتيك أمس تسرب الماء من الباب أثناء تشغيلها فتبلل البساط الذي على الأرض، ماحكم هذا الماء ؟
رابط الإجابة :
http://al-ghofran.com/fatwa-single.php?id=2388
المنشور الأخير :
قبس في ذم وسوسة العبادات :
[ومنهم من غلبت عليه الوسوسة في تكبيرة الإحرام في الصلاة، حتى ربما فاتته ركعة مع الإمام.
ومنهم من يتوسوس في إخراج حروف الفاتحة وسائر الأذكار من مخارجها، فلا يزال يحتاط في التشديدات، والفرق بين الضاد والظاء *فوق الحاجة*، ونحو ذلك بحيث يهتم بذلك حتى لا يتفكر فيما سواه، ويذهل عن معنى القرآن والاتعاظ به، وهذا من أقبح أنواع الغرور، فإن الخلق لم يتكلفوا من تحقيق مخارج الحروف في تلاوة القرآن إِلا ما جرت به العادة في الكلام. ومثال هؤلاء مثال من حمل رسالة إلى سلطان، فأخذ يؤدي الرسالة بالتأنق في مخارج الحروف وتكراره، وهو غافل عن مقصود الرسالة ومراعاة حرمة المجلس، فما أحراه بالطرد والتأديب].
مختصر منهاج القاصدين [263-264].
والحمدلله رب العالمين.
والله تعالى أعلم.
14/3/2020
قسم الإفتاء.
موقع الغُفرَان الإسلامي.