د. بسام عبد الكريم حمزاوي
يقول ربنا جل جلاله:
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِينًا}
في هذه الآية الكريم بيان مفاده:
أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء ، فليس لأحد أن يخالفه، لا رأي ولا قول ولا اختيار لأحد أمام ما حكم به رب العالمين هذا إذا كان الإنسان يزعم التدين، لأن المتدين مؤمن، والمؤمن خاضع لقوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً).
. أما أن يتخاصم شريكان فيجد من يزعم الدين منهما أن مصلحته المالية أن يحتكم لقانون وضعي لا أن يحتكم لما قضى به دينه، أهذا سفاهة أم تدين؟!!
. إذا تخاصم زوجان وفي لحظة الغضب قال لها بأنها طالق، أو قالت له: طلقني دون أن يلتزما قبل ذلك بالتحاكم لدين الله، أو ينتبها لقوله تعالى (والصلح خير) وهما يزعمان الدين أهذا سفاهة أم تدين؟!!
. المستأجر الذي يدفع أجرة زهيدة لبيت أو دكان، فالبيت الذي أجرته (الألف) ويدفع هو (المئة) ويغطي نفسه قانوناً، وهو يزعم أنه متدين كأنه لم يفهم (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) هذا سفاهة أم تدين؟!!
. والشاب الذي عقد على فتاة بعقد شرعي (فيه ولي وشهود) لكنه لم يثبته في المحكمة (وهذا خطأ)، واختلف مع الفتاة قبل العرس وبعد العقد، طلقها لكنه لم يعطها شيئاً، والدين يأمره بنصف المهر وهو يزعم الدين، أهذا سفاهة أم تدين؟!!
. الإنسان الذي يزعم محبة الله ورسوله لكنه إذا جالس أهل الدين والإيمان كأنه واحد منهم، وإذا جالس السفهاء كأنه واحد منهم، وذو الوجهين لا يكون عند الله وجيهاً، هذا تدين أم سفاهة؟!!
. الشاب أو الفتاة الذين يتنقلان من مسجد لمسجد، ومن درس دين لدرس دين، ثم في لحظة الخصومة مع آبائهم وأمهاتهم يرفعون أصواتهم، بل يسيؤون الأدب مع قوله تعالى (فلا تقل لهما أف)، هذا تدين أم سفاهة؟!!
. من يصلي في المسجد، ويظهر أنه من أهل الدين لكن إذا غضب سبّ وشتم كما يفعل سفهاء الشوارع، ونبينا صلى الله تعالى عليه وسلم قال: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء)، هذا تدين أم سفاهة؟!!
. ومن يحرص أن يصلي في الصف الأول، وأن يكثر من الصدقات، لكنه لا يتق الله في كسبه، فلقمته من حرام، وربنا تعالى أمرنا (كلوا مما رزقناكم حلالاً طيباً )، هذه المفارقة تدين أم سفاهة؟!!
. ...إلخ.
الصور والأمثلة كثيرة، وشأن المسلم أن يذكر دوماً في رضاه وغضبه، وعسره ويسره قوله تعالى:
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً ).
ولا يعرف الإنسان حكم ربه تعالى إلا إذا طلب العلم للعمل، فنسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وعملاً متقبلاً.