الفقه الإسلامي - العبادات و ما يلحق بها - الصلاة - الصلوات المفروضة و النوافل
رقم الفتوى 10794
نص السؤال مختصر

هل يجب ترتيب السور في الصلاة ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله،والحمدلله، والصّلاة والسّلام على رسول الله ،أمّا بعدُ :

فهذه المسألة من مسائل علوم القرآن ويُطلق عليها ( التّنكيس في القراءة ) كأن يقرأ في الرّكعة الأولى بعد الفاتحة الشّرح وفي الثّانية الضّحى، وقد نصَّ عليها الإمام النّووي {رحمه الله تعالى} في كتابه الرّائع التّبيان في آداب حملة القرآن: قال العلماء : الاختيار أن يقرأ على ترتيب المصحف، فيقرأ الفاتحة ثمّ البقرة ثمّ آل عمران ثمّ ما بعدها على التّرتيب، سواء قرأ في الصّلاة أو في غيرها، حتّى قال بعض أصحابنا : إذا قرأ في الرّكعة الأولى سورة ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِ النَاسِ ) يقرأ في الثّانية بعد الفاتحة من البقرة ..إلى أن قال ...

قال بعض أصحابنا : يُستحب إذا قرأ سورةً أن يقرأ الّتي تليها، ودليل هذا أنَّ ترتيب المصحف إنّما جُعل هكذا لحكمةٍ، فينبغي أن يُحافظ عليها).

وهذا الّذي نصَّ عليه الإمام هو المفتى به عند المذاهب الفقهيّة من الأولى والأفضل   (عبر عنه  بالمختار ) فينبغي القراءة بالرتيب سواء في الصلاة أو خارجها وهذا ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم معظم الأمر  واشتد انكار سيدنا عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه عندما سئل عن رجل يقرأ القرآن منكوساً قال : ذلك منكوس القلب،كما هو عند الطّبراني بإسناد جيّد . 

 أمّا من خالف هذا التّرتيب فقد صحّت صلاته اتّفاقاً مع الكراهة، أو خلاف الأولى، كما يعبّر بعض الفقهاء .

وذلك لحديث  حذيفة رضي الله عنه عند مسلم حيث قال :(صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت يركع عند المائة ثم مضى فقلت يصلي بها في ركعة فمضى فقلت يركع بها ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها ..) فقد خالف ترتيب المصحف ولا يخفى أنَّ فعل النّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لا يُوصف بالكراهة في مقام التّعليم والبيان، وإنّما هو لبيان الجواز كما نصَّ علماء أصول الفقه، وبمعنى حديث حذيفة روى البخاري معلّقاً بصيغة الجزم عن الأحنف بن قيس عن عمر( رضي الله عنه )فدلّ ذلك على الجواز، وإن لم يكن هو الدّائم من فعله صلّى الله عليه وسلّم. 

ولا بدَّ من التّنبيه على أمورٍ هنا:

١) نصَّ السّادة المالكيّة على بطلان صلاة من قرأ منكوساً من نهاية السّورة إلى أوّلها في الصّلاة، أي يقرأ الآية ثمّ الّتي تسبقها منكوساً .

قال الدّسوقي في حاشيته على الشّرح الكبير  :
( وحَرُمَ تنكيس الآيات المتلاصقة في ركعة واحدة وأبطل الصلاة لأنه ككلام أجنبي ).

٢) من رأى أحد المصلّين أو الأئمّة  يفعل ذلك فينصح ويعلّم بالمعروف، ولا يشتدّ بالإنكار أمام النّاس؛ لأنَّ الأمر يحتمل الخلاف.

٣) استثنى الفقهاء من الكراهة حلقات تعليم الأطفال، فإنّهم يبدؤون من خواتيم الأجزاء إلى أوّلها.

والله تعالى أعلم

تاريخ النشر بالميلادي 2019/03/13

المفتي


الأستاذ يحيى محمود المصري

الأستاذ يحيى محمود المصري

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به