كم هي مسافة السفر للجمع و القصر ؟

بسم الله ، والحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :

حكى العلماء في موسوعاتهم الفقهيّة قريباً من عشرين قولاً في تحديد مسافة القصر أشهرها أربعة أقوال :

القول الأوّل : وهو الأقوى : التّحديد بمسافةٍ معيّنةٍ وهي قريباً من ثمانين كيلو متر تقريباً ، وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكيّة والشّافعيّة والصّحيح من مذهب الحنابلة  ، وقول أبي يوسف صاحب أبي حنيفة النّعمان - رحمهما الله تعالى - وجمعٌ غفيرٌ من سلف الأمّ ، ودليلهم آثار  روت التّحديد بالمسافة عن الصّحابة رضي الله عنهم - منها ما رُوي  عن عَطاءِ بنِ أبي رَبَاحٍ: (أنَّ ابنَ عُمرَ وابنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عنهما - كانَا يُصلِّيانِ رَكعتينِ، ويُفطِرانِ في أَربعةِ بُرُدٍ فما فَوقَ ذلِك).قالوا: هذه أقوالُ صحابةٍ، وقول الصَّحابيِّ حُجَّةٌ، خُصوصًا إذا خالَفَ القِياسَ.

القول الثَّاني : إنَّ القَصرَ يجوزُ في أيِّ سَفرٍ, ما دام يُسمَّى سَفرًا، طويلًا كان أمْ قصيرا وهو منقول عن جمع من العلماء وهو ما اختارَه ابنُ قُدامةَ المقدسي في كتابه ( المغني ) مستدلّا بقوله تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا) مستدلّا بأنَّ الآيةَ مُطلقَةٌ في قَصْرِ الصَّلاةِ في كلِّ ضَرْبٍ في الأرضِ، وليس فيها تقييدٌ بالمسافةِ أو بالزَّمَنِ والتّقدير بالمسافة مقدّرٌ شرعاً ، والتّقديرات لا تثبت بالاجتهاد ، وإنّما لا بدَّ لها من نصٍّ شرعيّ  ، ولو كان له حَدٌّ لَمَا أَغفَل بيانَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .

والقول الثّالث :التّقدير بالعرف ؛ فما يُسمَّى في عرف الناس سفراً فيصحُّ فيه القصر.

والقول الرابع التّقدير باللّغة ، ويُرجع فيه إلى لغة العرب فما يُسمّى سفراً فيها تُقصر فيه الصّلاة.

والّذي يترجّح  - والله تعالى أعلم - مذهب جمهور الفقهاء المنقول عن جمعٍ من الصّحابة  ، وهو التّحديد بالمسافة مابين ثمانين إلى تسعين كيلو متر تقريباً. 

والله تعالى أعلم