الفقه الإسلامي - الآداب و الأخلاق و الرقائق - الآداب - ما يتعلق بالوالدين و الأرحام و عامة الناس
رقم الفتوى 10591
نص السؤال مختصر

عدة مسائل في أنواع المال الحرام و كيفية التخلص منه ، و رد الحقوق المالية لأصحابها.

نص السؤال الكامل

ركبت القطار الدَّاخلي في ألمانيا ، ولم أدفع ثمن التَّذكرة .!

أخذت قفازات مطاطية من غرفة بالمشفى كنت أعالج فيها ، والقفازات موجودة لتستخدمهم الممرِّضة عند فحصي !.

أكلت حلويات شرقيَّة ببيت حمايَ أثناء نومهم وأنا أعلم أنَّ هذا يزعجهم ؛ لبخلهم. لكنَّني جعت في اللّيل وكنت في زيارة عندهم ؟ ما العمل ؟

الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله،والحمدلله،والصلاة والسلام على رسول الله،أما بعد:

أمّا المال فهو كلُّ ما له قيمة ، فالنُّقود تُعدُّ مالاً ، و البيت يُعدُّ مالاً أيضاً لأنَّ له قيمة .

و المال الحرام نوعان :

أوَّلاً : المكتسب برضا صاحبه ، مثاله : الفوائد الرِّبويَّة و ثمن المحرَّمات كالخمور و المخدّرات و السَّجائر و غير ذلك .

و هذا لايُردُّ لصاحبه و لا يحلُّ لمكتسبه أن يفيد منه بحال ، فلا يُنفقها على نفسه ، ولا على من تجب عليه نفقتهم ، ولا ما وجب عليه دفعه من نفقات ، مثاله : الفواتير و الضَّرائب و غيرها .

فإن كان كسبه عن جهلٍ بحرمة هذا الكسب ، فلا إثم عليه فيما سبق .

ثانياً : المأخوذ بغير رضا صاحبه ، مثاله : البيت المغصوب و المال المسروق و غيرهما .

و لابدَّ في هذه الحالة من ردِّ المال لصاحبه ، أو أن يُستسمح منه ، فإن لم يصفح صاحب المال ، وجب ردّ المال قطعاً .

و تجوز الحيلة في ردّه إن كانت مصارحته بالحقيقة تُسبب حرجاً أو ضرراً ، كأن يُهديه المبلغ في مُناسبةٍ ما  ( زواجه مثلاً ) .

فإن كان مُعسراً لايمكنه ردّ المال حالاً ، وثّق المبلغ في وصيَّته ، ومتى صار ميسَّراً ردّه ، فإن مات و هو مُعسرٌ أُخرج من تركته.

فإن كان لايعلم قدر المبلغ ، اجتهد في حصره ، بل و يحتاط ، كمن غلب على ظنّه أنه لم يكسب مالاً حراماً أكثر من تسعة دراهم ، فيحتاط و يُخرج عشرة .

فإن كان فقد وسائل التّواصل مع صاحب المال ولايعرف مكانه الآن ، اجتهد في البحث عنه ، وقد يسّرت وسائل التَّواصل - الفيس بوك خاصَّةً - عملية البحث ، فإن لم يجده وثّق المبلغ في وصيَّته .

فإن كثر أخذه للحرام حتَّى صار لايعرف ممَّن أخذ كالمرتشي ، صرف المبلغ في أوجه الخير على نيِّة صاحبه ، ولا تُعدُّ له صدقة ، إنَّما هي من أركان التَّوبة .

فإن عمل بالمبلغ و جرَّ له ربحاً ، فاختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال : أن يردَّ المبلغ وله الرِّبح ، أن يردَّ المبلغ و الرِّبح ، أن يردَّ المبلغ ، و يكون الرِّبح مناصفةً بينه و بين صاحب المال ، ولعلَّ هذا الأخير هو الأرجح .

وإن كان صاحب المال ليس رجلاً واحداً ، إنَّما شركة .

فيتواصل مع إدارتها ، أو أي طريقة أخرى يرجع بها المال لهم.

وإن كان ما أخذه من المال العام ، فيبحث عن طريقة يُعيدها لهم ، فإن لم يستطع أو كان يجلب ذلك له ضرراً لايطيقه ، فيجعل المال في أوجه الخير على نيَّة من له حقٌّ عليه .

وإن كان قد أكل مال غيره بجهلٍ ، فلا إثم عليه ، ويجب عليه أن يردَّ ما أخذه .

وإن كان ما أخذه من المحقَّرات ، فعادةً يُتسامح في ذلك ، و ضابط ما يُتسامح به ، ممَّا يحرم أخذه يختلف من مكانٍ لآخرَ و من صاحبِ عملٍ لآخر ، وتعارف النَّاس عليه لايجعله ممَّا يُتسامح به إلَّا أن يكون برضا صاحب العمل ، مثاله : الهروب من العمل باكراً لايجعله فعلاً جائزاً و إن تعارف عليه النَّاس مادام أنه خروجاً من العمل ، دون إذن صاحبه .

و عليه فمن لم يدفع ثمن تذاكر القطار لمدة سنوات ، فيجتهد في حصر عدد الرِّحلات الّتي استعمل فيها القطار ، ثمَّ يحسب قدر كامل المبلغ و يحتاط ، فيشتري به تذاكر و يُتلفها ، و إن كان مُعسراً اشترى تذكرة في كل حينٍ حتَّى يتيقَّن أنَّه انتهى من أداء ما عليه ، مع توثيق ما بقي في وصيَّته أثناء مرحلة التَّقسيط .

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/02/08

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به