الفقه الإسلامي - العبادات و ما يلحق بها - الزكاة - صدقة التطوع
رقم الفتوى 10589
نص السؤال مختصر

ما هي أفضل صدقة جارية ؟

نص السؤال الكامل

ايهما أفضل لي في دينياي وآخرتي أن أتصدق لمكتبة اسلامية ويكون لي صدقة جارية أم اتصدق لأرملة عندها أطفال وبلا معيل أم اتصدق لجمعية الرفق بالحيوانات المعاقة وليس لها مدخول الا التبرعات

الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله، والحمدلله،والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :

إنَّ الصَّدقة الجارية تختلف أفضليتها من زمانٍ لآخرَ :

فإنَّ تعليم الفقير مهنة وشراء ما يحتاجه من معدَّات ، وتأمين فرصة عملٍ له ، أو متجرٍ يعمل به ، خيرٌ من سبيل ماءٍ في أكبر مسجد .

ومن شخصٍ لآخرَ : 

فإنَّ صدقة العالِم أن يُنفق من علمه ووقته ، وصاحب المال صدقته أن يُنفق من مالِه .

ومن مكانٍ لآخرَ :

فأفضل صدقةٍ في الدُّول الفقيرة ، تختلف عن أفضل صدقةٍ للمقيم في الدُّول الأوربيَّة { وهي تأهيل طلبة العلم بالمال و العلم ، واستثمار طاقاتهم البشريَّة في الدَّعوة ونشر الدِّين ، والحفاظ على هوية المسلمين }.

و تختلف باختلاف العمر المتوقَّع لدوامها :

فالأجهزة الإلكترونيَّة صدقة جارية جيِّدة ، ولكن يأتي عليها يومٌ وتتعطّل وإن بعد سنوات ، أو تنتهي مدَّتُها في ظلِّ سرعة تطوّر التّكنولوجيا، ولكن ماكان بناءً كالبيوت والمحلَّات وغير ذلك فهي أبعد عن التَّلف وأطول عمراً .

و بحجم نفعها :

فكلَّما كان النَّفع يعود على عدد أكبر من الأفراد كان أفضل .

والنَّفع يُقصد به أن يتساوا في الضَّرر، فإعانة ثلاث أسرٍ تحت خطِّ الفقر خيرٌ من إعانة عشرِ أسرٍ وضعهم الماديُّ جيّدٌ.

و بحجم أثرها : 

فتأسيس المشروع خيرٌ من المشاركة به بعد انطلاقه .

و مثاله الجمعيَّات الخيريَّة إذ من أسسوها مات أغلبهم منذ عقود ومازالت الجمعيّات مستمرةً ، و يفيد منها أعدادٌ كبيرةٌ جداً .

و المشاركة بما يتوقّف عليه المشروع عند تأسيسه ، خيرٌ من المشاركة بالكماليّات .

فشراء لابتوب لموقعٍ دعويٍّ خيرٌ من التّبرّع له لتحسين واجهة الموقع .

وبحجم المبلغ :

إن كان قليلاً الأفضل أن يبحث عن صدقاتٍ جاريةٍ يُشارك بها ولو باليسير من المال .

و إن كان كبيراً فالأفضل أن يستقلَّ فيؤسِّس مشروعاً و إن صغر ، ويُشارك بجزءٍ معيَّنٍ بباقي المشاريع. 

و عليه فإنَّ أفضليَّة الصّدقة الجارية تتبع للمصلحة حيثُ كانت ، ففي ظلِّ الفقر والحاجة لايُقال إنَّ بناء المساجد أفضل ، وفي ظلِّ حاجة الإنسان لا تُدعم جمعيّات الحيوان ، وكفالة أسرة فقيرة براتبٍ شهري لاتُعدُّ صدقة جارية ، إنَّما هي صدقة عظيمة ، وتصبح صدقة جارية لوملّكناهم مايعود عليهم بواردٍ شهري دائمٍ ، كالمتجر مثلاً .

و هذه الصّورة العامة المختصرة ، أمَّا من أراد أن يوظّف مبلغاً في صدقة جارية فننصحه أن يستشير من يثق بحكمتهم في هذا المجال .

وفّقكم الله لكل خيرٍ .

و الله تعالى أعلم .

تاريخ النشر بالميلادي 2019/02/07

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به