الفقه الإسلامي - العبادات و ما يلحق بها - الصيام و الاعتكاف - الصيام
رقم الفتوى 13046
نص السؤال مختصر

كيف ندرك ليلة القدر ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

فللعلماء في تحديد ليلة القدر أقوال كثيرة، قال أبو بكر ابن العربي في القبس بعد سردها : [فهذه ثلاثة عشر قولا الصحيح منها أنها لا تُعلم].

وأقوى الأقوال أنها في العشر الأخير من رمضان وأنها في ليالي الوتر أرجى (1)، وأنها تتنقل في العشر الأخير غير ثابتة بليلة معينة، فتكون سنة في ‌ليلة وسنة في ‌ليلة أخرى (2)

فإن علم المسلم أنها منحصرة في العشر الأخير فينبغي أن يجتهد فيه ما لا يجتهد في غيره، وفي الحديث الذي رواه الشيخان «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، ‌وأيقظ ‌أهله».

ويختلف الناس في تحري هذه الليلة لاختلاف هممهم وظروفهم، ولكن أدنى التحري أن يخصص قدرا من العبادات لا يتخلى عنه في هذا العشر، من ذلك : الدعاء في السحر قبل الفجر، صدقة في كل ليلة وإن قلت، وصلاة العشاء والفجر جماعة في المسجد أو صلاة العشاء جماعة في المسجد والتراويح حتى ينتهي الإمام من صلاته فمن فعل ذلك كُتب له قيام ليلة كاملة، قال صلى الله عليه وسلم : (من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان ‌كقيام ‌ليلة) رواه أبو داود والترمذي، وقال صلى الله عليه وسلم :«إنه من قام ‌مع ‌الإمام ‌حتى ‌ينصرف كتب له قيام ليلة» (3). 

فمن داوم على ذلك في العشر كله فنرجو أن يعمه لفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من قام ‌ليلة ‌القدر ‌إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه الشيخان.

ومن تعذر عليه أن يصلي في المسجد فلا أقل من أن يصلي جماعة في بيته وأن يجتهد في بيته ما أمكنه.

ولا يستوي من اكتفى بما سبق مع من أحيا ليالي العشر كله بين قيام الليل والتهجد وقراءة القرآن والتدريس وقضاء حاجات الخلق والصدقة والذكر وغير ذلك، قال تعالى : ﴿‌هُمۡ ‌دَرَجَٰتٌ عِندَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ﴾ [آل عمران: 163].

ليال معدودات فلا ينبغي للمسلم أن يضيعها في الأسواق أو على الهواتف والشاشات، وليدع دعوات الإفطار ليتفرغ لما فيه سعادته ونجاته.

نسأل الله أن يعيننا على قيام هذه الليالي الفضيلة وأن نكون خير من تقرب إلى الله فيها.

والله تعالى أعلم.

 

الهوامش :

1- قال المازري في المعلم : [وجل قول أهل العلم: إنها في العشر الأواخر، وإنها في الأفراد منها]. وقال النووي في الروضة : [ومذهبنا ومذهب جمهور العلماء: أنها في العشر الأواخر من رمضان، وفي أوتارها أرجى].

2- قال النووي في فتاويه : [والمختار أنها تنتقل، فتكون في بعض السنين في ليلة، وفي بعضها في ليلة أخرى، ولكن إنما تنتقل في العشر الأواخر، وبهذا يجمع بين الأحاديث الصحيحة المختلفة فيها، وممن قال به من أئمة أصحابنا: أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني، وصاحبه إمام الأئمة: أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمهما الله تعالى، والله أعلم]. وقال أبو بكر ابن العربي في المسالك : [والصحيح أنها في العشر الاواخر من كل رمضان، إلا أنها تنتقل في العشر، فتارة تكون إحدى وعشرين، وتارة تكون ليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، فمن وافقها فقد سعد].

3- قال المناوي في فيض القدير : [(إن الرجل إذا صلى ‌مع ‌الإمام) أي افتدى به واستمر (‌حتى ‌ينصرف) من صلاته (كتب) وفي رواية حسب (له قيام ليلة) قال في الفردوس يعني التراويح].

تاريخ النشر بالميلادي 2022/04/21

المفتي


قسم الإفتاء

قسم الإفتاء

المحتوى الخاص به