الفقه الإسلامي - العبادات و ما يلحق بها - الزكاة - زكاة المال والفطر
رقم الفتوى 10275
نص السؤال مختصر

زكاة الوقف الأهلي ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

الحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وأما بعد :

فقد وردت قرارات وآراء واستفسارات وإشكالات حول زكاة الوقف الأهلي ( الذري ) ، مما اقتضى البيان في الأمور الآتية:

1 -  ورد في دليل الوقف الأهلي ما يلي: " لا زكاة في أصل مال الوقف ، وتكون الزكاة على المستحقين فيما يتبقى من ريع الوقف ]معهم [ في نهاية الحول " وهو نص المعيار الشرعي للزكاة الصادر عن هيئة المحاسبة  والمراجعة  للمؤسسات المالية الإسلامية ، وهو نص سديد وصحيح شرعاً ، ولكنه مجمل يمكن تقييده وتفصيله، كما سنبين في النص المقترح في الأخير.

 وهذا الكلام هوالسديد والصحيح  شرعاً ؛ فلا تجب الزكاة في أصل مال الوقف ، لأن الملك فيه غير تام ولا كامل، واتفق الفقهاء في الزكاة على اشتراط الملك التام والكامل لأصل المال الذي تجب فيه الزكاة ، وما ورد خلاف ذلك فهو في جزئيات وهولأسباب خاصة، لأن المال الوقوف إن كان ملكه للموقوف عليهم ( في قول المالكية) فهو ملك ناقص وغير تام فلا زكاة عليه، ولأن الموقوف عليهم ( في الوقف الخيري والوقف الأهلي) يستحقون الريع أوالغلة أوالثمرة فقط ، ولايملكون حقيقة عين الموقوف طوال مدة الوقف، في التصرف وغيره، ويتأكد الأمر أكثر فأكثر إذا كان ملك الوقف لله تعالى ، فلا ملك فيه للواقف ولا للموقوف عليه ( على قول الجمهور ) أو كان الملك لايزال للواقف ( على قول الحنابلة).

2 - إن الاتفاق ( مجملاً ) على  عدم الزكاة على أصل مال الوقف  لا يرجع إلى الاختلاف في ملكية الوقف، واختيار القول بنقل الملك لله تعالى ، كما يقول الأستاذ توفيق الأزرق ،( وإن ورد في بعض النصوص الفقهية ) ، فأن هذا ليس هو الأساس ، بل إن ملكية الوقف ، ولو كانت للموقوف عليه في قول ، أو لا زالت على ملك الواقف على قول آخر ، فإن هذه الملكية ناقصة وغير تامة ولا كاملة ، ولذلك لا تجب الزكاة فيها ، فهي ملكية ناقصة ، لأن الواقف أوالموقوف عليه لايحق له ، ولا يجوز شِرعاً ، أن يتصرف بالعين بيعاً ولا هبة ولا وصية ولا إرثاً ولا غير ذلك ، إلا استثناء للضرورة ، وإن الملك أو العين الموقفة تنحصر بجهة ، بينما الغلة أو الثمرة أو الريع فهو لجهة أخرى قطعاً ، وللاحتياط إنما تجب الزكاة فيما تبقى من ريع الوقف مع الموقوف عليه  ، لأنه ملكه حقيقة وملكاً تاماً ، وبقي معه في نهاية الحول ، وأنا أضيف " شرط مقدار النصاب "، وهو شرط مقرر شرعاً.

3– لامحل لاستشكال الأستاذ بشار على نص دليل الوقف أولاً ، لأنه تم التوضيح كاملاً في الفقرة الأولى ، ولا محل أيضاً لاستشكاله على عدم وجوب الزكاة على الوقف غير اللازم الذي يتاح فيه للواقف الرجوع عن وقفه متى شاء ، لأن هذا الوقف له حالتان ، أو له مرحلتان ، ففي الأولى (حالة سريان الوقف ، ابتداء من صدوره حتى قبيل الرجوع فيه ) يكون الوقف نافذاً بشكل كامل ، وتطبق عليه جميع أحكام الوقف ، ومنها عدم الزكاة ، والمرحلة الثانية ( عند الرجوع عند الحنفية  ، وهو ما اعتمدنا جوازه) ، فهنا عاد الوقف إلى أصله ، وانتهى الوقف ،وكأن الوقف لم يكن موجوداً ، وتطبق على المال  جميع الأحكام العامة ، ومنها وجوب الزكاة إذا توفرت شروطها ، فزال الإشكال ، والله الموفق .

4 – إن حالة اشتراط الواقف ( عند الحنفية ) إخراج الزكاة من المال الموقوف لا تؤثر نهائياً على الأحكام المقررة لوقف الزكاة ، لأن قول الحنفية في  اشتراط الواقف وجوب الزكاة يعني أنه تجب الزكاة في الريع قبل توزيعه، فهذا شرط زائد، وتقييد للوقف من الواقف نفسه، فيؤخذ به تنفيذاً للشرط ( وهو المقرر فقهاَ بشرط الواقف الذي يجب اللالتزام به ) وليس بمقتضى أحكام الوقف الشرعية ، وكأن الواقف عند الشرط بإخراج الزكاة حصر الوقف بالباقي بعد إخراج الزكاة ، فإن لم يشترط فتطبق الأحكام العامة للوقف . 

4 – إن تفصيل الموسوعة الفقهية ( الكويتية ) ممتاز ، ومستوعب لكلام الفقهاء والمذاهب، وإن ما جاء في دليل الوقف الأهلي يتفق مع ما ورد في الموسوعة عند اتفاق المذاهب ، أو مع قول االجمهور ، أو مع قول أحد المذاهب الذي اعتمد دليل الوقف الأخذ به وترجيحه .

5 –  ورد في عبارة " زكاة الوقف  المؤقت ( غير اللازم) " هذا الكلام غير دقيق ، وفيه خلط بين الوقف المؤقت  والوقف غير اللازم ، فهما نوعان ، وكل منهما له أحكامه الخاصة، وإن اتفقا في التطبيق في بعض الجوانب، وهما من آراء الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وخالفه الصاحبان رحمهما الله تعالى في بعضها.

 6 – النص المقترح من الدكتور عبد الباري مشعل ممتاز ،وهو " لا زكاة في أصل الوقف الأهلي ، ويزكي الموقوف عليهم ما بقي من الريع في نهاية الحول  " ،  وهو يتفق مع قول المالكية والشافعية والحنابلة في وجوب الزكاة في الوقف الأهلي على معين  في الريع إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول ؛ لأنه ملكهم، ( الموسوعة الفقهية 23 / 236 رقم 6 )، وهذا لا يتعارض مع قول الحنفية " إن اشترط الواقف إخراج الزكأة في الوقف الأهلي " ، ثم قال الحنفية :إن لم يشترط فإن الزكاة على الموقوف عليهم، أي فهم يوافقون المذاهب الثلاثة ، ولم يبق مخالف إلا طاووس ومكحولاً ،  مع ثلاث ملاحظات: 

 الأولى : يجب تصحيح الخطأ النحوي الوارد في النص المرسل من الأستاذ بشار ، "  ويزكي الموقوف عليهم ( مستحقيه )  من الريع " والصواب ( مستحقوه) . 

الثانية :  أقترح الإضافية الآتية على النص المقترح : إذا بلغ الريع نصاباً .

 الثالثة: أن يتم النص  كاملاً ومباشرة " لا زكاة في أصل الوقف الأهلي ، وتجب الزكاة في ريع الأموال الموقوفة وقفاً أهلياً ، فيزكي الموقوف عليهم ما بقي من الريع لديهم إذا بلغ نصاباً " .

والله تعالى أعلم 

تاريخ النشر بالميلادي 2018/12/07

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به