الفقه الإسلامي - الأحوال الشخصية - الزواج - أحكام الزواج والأسرة
رقم الفتوى 12720
نص السؤال مختصر

 عرضنا فتواكم السابقة رقم 12712 {والتي توجب نفقة الابن البالغ الفقير على أبيه} على أحد العلماء فحكم ببطلانها، حبذا لو راجعتم الفتوى ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

أولاً، إن مسألة وجوب نفقة الابن البالغ الفقير على والده الغني خلافية بين العلماء مشهورة، قال ابن حجر رحمه الله تعالى عند شرح حديث : {أفضل الصدقة ما ترك غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول} : [وقوله {وابدأ بمن تعول} أي بمن يجب عليك نفقته يقال عال الرجل أهله إذا مانهم أي قام بما يحتاجون إليه من قوت وكسوة، وهو أمر بتقديم ما يجب على ما لا يجب وقال ابن المنذر : {اختُلف في نفقة من بلغ من الأولاد ولا مال له ولا كسب فأوجبت طائفة النفقة لجميع الأولاد أطفالاً كانوا أم بالغين إناثاً وذكراناً إذا لم يكن لهم أموال يستغنون بها وذهب الجمهور إلى أن الواجب أن ينفق عليهم حتى يبلغ الذكر أو تتزوج الأنثى ثم لا نفقة على الأب إلا إن كانوا زمنى فإن كانت لهم أموال فلا وجوب على الأب وألحق الشافعي ولد الولد وإن سفل بالولد في ذلك}] انتهى من فتح الباري.

ثانياً، وجوب نفقة الابن البالغ الفقير على والده الغني هو مذهب الحنابلة وغيرهم، قال المرداوي رحمه الله : [اعلم أن الصحيح من المذهب وجوب نفقة أبويه وإن علوا، وأولاده وإن سفلوا بالمعروف أو بعضها إن كان المنفق عليه قادراً على البعض. وكذلك تلزمه لهم الكسوة والسكنى، مع فقرهم، إذا فضل عن نفسه وامرأته. وكذا رقيقه يومه وليلته] ثم قال : [شمل قوله: وأولاده وإن سفلوا. الأولاد الكبار الأصحاء الأقوياء إذا كانوا فقراء. وهو صحيح. وهو من مفردات المذهب] انتهى من الإنصاف.

ثالثاً، مقرر عند العلماء أنه لا إنكار في المسائل المختلف فيها اختلافاً سائغاً، قال النووي رحمه الله : [إنما العلماء ينكرون ما أُجمع عليه، أما المختلف فيه فلا إنكار فيه] انتهى من شرحه على مسلم.

رابعا، لكل قول أدلته، غير أن القول بوجوب النفقة هو الأقرب لمقاصد الشرع،

تخيل أن هناك أباً غنياً جداً ، عنده من المال ما لا يعلم قدره، ولديه ابن بالغ فقير جداً مُشرد في الطرقات هو وأسرته، أو له مسكن معدوم الخدمات من كهرباء وماء للشرب وغير ذلك، ثم الشرع يوجب على هذا الابن بر والده، والإنفاق عليه لو فَقُر (أي : الأب) وغني (أي : الابن)، ولا يوجب شيئاً على ذاك الأب الغني، كيف ستكون العلاقة بينهما إن ضنّ الأب على ابنه باسم الشرع (أي إنه غير مطالب شرعاً) ؟ 

والنصوص في الحث على صلة الرحم والتكافل والتكاتف كثيرة جداً في الشرع، وقد حرم الشرع كل ما يؤدي إلى مفسدة عظيمة، كالذي يؤدي إلى تقطيع الأرحام، وفي الحديث : (نهَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن تتزوَّجَ المرأةُ على العمَّةِ أو الخالةِ ، وقال : إنَّكم إذا فعلتم قطعتم أرحامَكم) صححه غير واحد من أئمة الحديث.

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2020/12/16

المفتي


قسم الإفتاء

قسم الإفتاء

المحتوى الخاص به