الفقه الإسلامي - الآداب و الأخلاق و الرقائق - الآداب - أحكام اللسان
رقم الفتوى 12678
نص السؤال مختصر

حين أرسل رسائل تعريف جماعية للعملاء بمنتجات الشركة أبدأ رسالتي بتحية الإسلام {السلام عليكم ورحمه الله وبركاته} ولا أعلم إن كان منهم غير مسلمين، فما الحكم ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

لا مانع من تصدير تلك الرسائل بتحية السلام {السلام عليكم ورحمة الله}، حتى و إن غلب على الظنّ أن تلك الرسائل قد تصل لغير المسلمين سواء كانوا من أهل الكتاب أم غيرهم ، لأن وصول تلك الرسائل هو على سبيل الظن وليس على سبيل اليقين .

وهذا يختلف عن حكم المباشرة بالسلام إذا كان وجهاً لوجه ، وأما المبادرة بالسلام لغير المسلمين المسالمين وغير المحاربين ففيه اختلاف بين العلماء ، فجمهور العلماء أفتوا بالحرمة أو الكراهة ، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :

[حُكْمُ التَّحِيَّةِ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ بِالسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ مَمْنُوعٌ عَلَى سَبِيل الْحُرْمَةِ أَوِ الْكَرَاهَةِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بِالسَّلاَمِ، وَإِذَا سَلَّمُوا هُمْ عَلَى مُسْلِمٍ قَال فِي الرَّدِّ: وَعَلَيْكُمْ. وَلاَ يَزِيدُ عَلَى هَذَا]. 

وهناك طائفة من العلماء حملوا الأحاديث على حالة خاصة وردت بسبب خاص فخصصوا بها عموم أحاديث النهي ، وخاصة أن غير المسلمين يعيشون في بلاد المسلمين بأمن وأمان، فلا حرج في تحيتهم بأيّ تحية وبأي لفظ، ومن ذلك تحيتهم بلفظ السلام ، واستدلّ هؤلاء العلماء بما ورد عن بعض الصحابة كابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم بجواز ذلك، قال ابن حجر رحمه الله : {وعن الأوزاعي إن سلمت فقد سلم الصالحون، وإن تركت فقد تركوا} [فتح الباري 11/ 45].

وروى الإمام ابن أبي شيبة في [مصنفه] عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، قالَ: {مَنْ سَلَّمَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَرُدُّوا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا}.

وروى أيضا عَنْ علقَمةَ، قالَ: {أَقْبَلْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ مِنَ السَّيْلَحِينِ فَصَحِبَهُ دَهَّاقِينُ مِنْ أَهْلِ الحِيرَةِ، فَلَمَّا دَخَلُوا الكُوفَةَ أَخَذُوا فِي طَرِيقٍ غَيرِ طَرِيقِهِم، فَالتَفَتَ إِلَيهِم فَرَآهُم قَد عَدَلُوا، فَأَتبَعَهُمُ السَّلامَ، فَقُلتُ: أَتُسَلِّمُ عَلَى هَؤُلاءِ الكُفَّارِ؟ فَقَالَ: نَعَم صَحِبُونِي، وَلِلصُّحبَةِ حَقٌّ}. 

أما حديث النهي عن السلام، فيحمل على حادثة خاصة، وذلك عندما سار المسلمون بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة لمعاقبتهم على غدرهم ونقضهم لعهدهم مع المسلمين، فعن أبي الخير قال: سمعت أبا بصرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا غَادُونَ عَلَى يَهُودَ فَلا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلامِ، فَإِذَا سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ} رواه الإمام أحمد في [مسنده].

وعليه؛ فلا مانع شرعاً من ابتداء غير المسلم بالسلام؛ لأنّ المسألة هذه من المسائل الخلافية، والذين حرموا ذلك أدلتهم في المسألة موضع اجتهاد.

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2020/10/26

المفتي


د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به