العقيدة الإسلامية - العقيدة - الإيمان و التوحيد - الشبهات والاستشكالات
رقم الفتوى 12670
نص السؤال مختصر

كيف كان المسجد الأقصى قبلة المسلمين ولم يكن المسجد موجوداً في زمن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يكن في القدس كلها مسجد ولا مسلمون؟ بل ولم تُفتح القدس إلا في زمن سيدنا عمر رضي الله عنه ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجه في صلاته أول الإسلام إلى (موضع) المسجد الأقصى وليس إلى (مبنى) المسجد الأقصى، لأنه لم يكن حينها مبنياً.

فلا إشكال لأن المسجد الأقصى في بيت المقدس ثاني مسجد بني في الأرض بعد المسجد الحرام، وقد بُني بعده بأربعين سنة كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وكان المسجد الأقصى الذي بناه وجدده الأنبياء قبل نبينا عليه الصلاة والسلام موجوداً حتى استولى بعض الطغاة على بيت المقدس فهدمه وخربه.

وكان معظم موضعه فضاء خاليا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي قلبه الصخرة التي يقال إنه عرج بالنبي عليه الصلاة والسلام منها إلى السماوات في ليلة الإسراء والمعراج، وبجواره حائط البراق الذي ربط النبي صلى الله عليه وسلم دابة البراق عنده عندما أسري به إليه من مكة في قوله تعالى : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء : 1]. 

ولما فتح المسلمون بيت المقدس أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ببناء المسجد الأقصى في موضعه جوار الصخرة، وهو ما يسمى اليوم المسجد القبلي، وبقي على حاله سنين طويلة إلى أن جدده ووسعه بعد ذلك معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في خلافته، ثم كانت أكبر توسعة له في زمن عبد الملك بن مروان ثم في عهد ابنه الوليد، وحينها تم بناء مسجد الصخرة وبناء القبة فوقها.

والمسجد الأقصى هو كل المنطقة المسوّرة التي تشمل مسجد قبة الصخرة والمسجد القبلي وبقية المنطقة حولهما، وليست كما يظن بعض الناس أنها مسجد قبة الصخرة وحده.

والرسول صلى الله عليه وسلم حينما كان يصلي باتجاه بيت المقدس والمسجد الأقصى قبل تحويل القبلة كان يتجه إلى (موضع) المسجد لا إلى (بنائه)، وموضع المسجد الأقصى مقدّس حتى وإن لم يكن فيه بناء للمسجد، كما أن موضع المسجد الحرام مقدّس وإن لم يكن فيه مسجد.

ولهذا سمى الله تعالى موضع المسجد الحرام مسجداً وذكر أنه (أول بيت وضع للناس) مع أنه لم يُبنَ فيه أي بناء أو بيت قبل رفع إبراهيم عليه السلام قواعده التي وضعتها الملائكة في الأرض، والقواعد التي وضعتها الملائكة فيه أربعة أحجار في أركانه ليس إلا.

وسمى الله تعالى موضع المسجد الأقصى ليلة الإسراء مسجداً مع أنه لم يكن فيه بناء، فقال {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء : 1]

وسماه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة صحيحة {المسجد الأقصى} قبل أن يبنى، وحث المسلمين على الصلاة فيه، 

وبين أنها تعدل ألف صلاة فيما سواه إلا الحرمين، 

وبين لهم أن الرحال لا تشد إلى موضع له فضل يستحق أن تشد الرحال إليه إلا للحرمين والمسجد الأقصى، إلخ أحاديث فضل المسجد الأقصى وبيت المقدس.

ولو حصل يوماً أن هُدم أحد المساجد الثلاثة - لا قدر الله - فسيبقى موضعه يسمى مسجداً، وسيبقى موضع الكعبة في المسجد الحرام قبلة بغض النظر عن وجود البناء عليه من عدمه.

ولو أخذنا بقول الجهلة الذين ينكرون تسمية موضع المسجد الأقصى مسجداً قبل البناء عليه، لوجب عليهم أن يقولوا بفقدان قبلة المسلمين عندما تهدمت الكعبة في زمن ابن الزبير وفي مرات لاحقة، و إن كل المسلمين على ظهر الأرض حينها لم يكن عندهم قبلة، وبالتالي فقد سقط شرط من شروط الصلاة لا تصح إلا به، لأن الله أمرنا في استقبال القبلة فقال (فولّ وجهك شطر المسجد الحرام)، وأساس المسجد الحرام الكعبة، وهذا القول ساقط باطل يكفي في إبطاله حكايته.

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2020/10/21

المفتي


د. براء يوسف حلواني

د. براء يوسف حلواني

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به