الفقه الإسلامي - المعاملات المالية - أحكام الإجارة - أحكام العمل والوظائف
رقم الفتوى 12658
نص السؤال مختصر

فيما يتعلق بالسعي وراء الرزق، وبما أن العمر والرزق مكتوبان، فهل السعي بجهد قليل أو كبير يأتي بالرزق ذاته ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

حثنا ديننا الإسلامي على العمل في كثير من آيات القرآن الكريم، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" [التوبة :105] ، وقال سبحانه: ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: 15].

والطريقة التي يحصل بها الإنسان على الرزق هي أن يسعى في تحصيله ويأخذ بالأسباب التي أناط الله تعالى بها المسببات كما قال سبحانه وتعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: 10] .

ولا ينبغي للمسلم أن يتواكل ويقول إن الله تعالى سيرزقه وهو جالس في بيت أبيه وأمه، وفي الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «لَا يَقْعُدُ أَحَدُكُمْ عَنْ طَلَبِ الرِّزْقِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ السَّمَاءَ لَا تُمْطِرُ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً».

وقد جرت سنة الله تعالى أنه لا يرزق أحداً من غير أن يأخذ بالأسباب، كما قال لمريم عليها السلام: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا[٢٥]﴾ [مريم: 25].

ومعلوم أن مريم عليها السلام في ذلك الوقت كانت في حالة من الإعياء بسبب المخاض، وكانت في أمس الحاجة لأن تأتيها كرامة من الله تعالى من غير أن تأخذ بالأسباب، حيث لا قدرة لها على هزّ الجذع الذي لا يحركه الرجل العتِّي، ناهيك عن امرأة ماخض.

وكما أن الله تعالى قدّر الأرزاق للعباد فإنه كذلك قدّر الأسباب التي بها تتحصل الأرزاق ، والمطلوب من المؤمن السعي والعمل قدر جهده دون تكاسل أو توانٍ متوكلاً على الله واثقاً به ، ولا شك أن من يبذل جهداً قليلاً ويتكاسل فإن ما يتحصل عليه من الرزق هو أقل من الذي بذل جهداً أكبر واهتم وأتقن العمل ، وهذه سنة من سنن الله تعالى في الحياة ، وقانون أقامه في هذا الوجود ، وعلى سبيل المثال من درس وجدّ في دراسته وبذل جهده فإن الدرجات التي سيحصل عليها ستكون أكثر من الطالب الذي بذل جهداً أقل وتراخى قليلاً .

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2020/10/07

المفتي


د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به