الفقه الإسلامي - الأحوال الشخصية - الزواج - أحكام الزواج والأسرة
رقم الفتوى 12650
نص السؤال مختصر

هل يجب على الزوجة تلبية زوجها في العلاقة الخاصة في أي وقت، حتى وإن كانت حزينة أو منزعجة منه أو لا رغبة لديها أو لديها مهام لأولادها عليها إنجازها ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

لكل من الزوجين حقوق على الآخر، فمن الحقوق المشتركة للزوجين أن يعف أحدهما الآخر من خلال المعاشرة المشروعة وتمتع أحدهما بالآخر صيانة لكل واحد منهما عن الوقوع في الحرام .

والأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تمنع زوجها إذا دعاها للفراش، ومن حق الزوج على زوجته أن تمكنه من نفسها متى طلب منها ذلك ، ولو كانت في شغل شاغل؛ إلا أن يكون لها عذر. فإن كان لها عذر شرعي لم يحرم عليها الامتناع، كأن كانت مريضة لا تطيق الجماع مثلاً، فلا حرج عليها إن لم تجبه إلى ذلك، بل قد يحرم عليها إجابته إلى الجماع أحياناً، كأن دعاها إليه وهي حائض، أو صائمة في صيام واجب. 

والأدلة على ذلك كثيرة منها :

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال : ( إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ). رواه البخاري ومسلم 

وعن طلق بن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دعا الرجل زوجته لحاجته، فلتأته وإن كانت على التنور). رواه الترمذي 

وعن عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفس محمد بيده؛ لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها كله حتى لو سألها نفسها وهي على قتَب لم تمنعه). رواه ابن حبان بإسناد صحيح  

والقتَب هو الرحْل الذي يُوضع على سَنامِ البعير فيكونُ موضعاً لجلوس الراكب، ومعنى الحديث هو انَّ من حقِّ الرجل على زوجتِه أنْ تستجيب له متى أرادَها، وإنْ كانت تسير على ظهرِ بعير لسفرٍ أو لغيرِه فيلزمُها انْ تنزل عنه وتُمكِّنه من نفسِها .

وينبغي على الزوجين الحرص على الأخذ بالأسباب التي تؤدي إلى استمرار المودة والمحبة بينهما ، ومراعاة كل طرف لحال الآخر ، وتفهم مشاعره ، وتلبية رغباته .

واتباع الحكمة هو من شأن أهل الفضل والعقل ، فالزوج عندما يكون يراعي الظروف الخاصة التي تمر بها زوجته فهذا من المعاشرة بالمعروف التي أمره الله بها ، ولا يليق به أن تكون أولى الأوليات عنده وهمه تلبية شهوته فقط دون النظر في الأحوال النفسية التي تطرأ على زوجته .

وكذلك فإن الزوجة العاقلة الحكيمة ينبغي ألا تقصر في إعفاف زوجها ، وعليها أن تعطي كل ذي حق حقه ، فكما أن للأولاد حقوقهم كذلك للزوج حقه الذي ينبغي ألا تقصر فيه .

وقد يخطر ببال البعض عندما يقرأ تلك الأحاديث السابقة أن فيها نوعاً من التحيز للأزواج ، والحقيقة أن المقاصد العليا التي يريدها النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الإرشادات التربوية هو المحافظة على الأسرة ، وتحصين الزوجين من الحرام ، فكم من بيوت دمرت و انتهت بالطلاق أو الوقوع في الفاحشة بسبب إهمال الزوجة لزوجها ، وعدم إعفافه ، والتبرير لنفسها بأبسط الحجج التي تحاول من خلالها أن تجد العذر في عدم قيامها بما يؤدي إلى إرضاء ربها والمحافظة على زوجها.

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2020/10/03

المفتي


د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به