لماذا الإنسان يخاف من الجنّ ويفكر فيهم و يشعر بالخوف الدائم منهم عندما يكون قريباً من ربه، على العكس ما لو ابتعد قليلاً عن العبادة ؟

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

فالإنسان عندما يكون مقترباً اقتراباً حقيقياً من ربه فقلبه لا يتعلق إلا بالله، ولا يخاف إلا من الله، فهو يؤمن تمام الإيمان بوصية النبي صلى الله عليه وسلم : «يَا غُلاَمُ؛ إِنِّي مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَلْتَسْأَلِ الله، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ» [أحمد].

وعندما يبتعد قليلاً عن العبادة فإنه يتأثر قلبه بكل مجهول وبكل شيء خفي، ويعتقد أحياناً بقوة تأثير عالم الجن عليه أكثر من إيمانه بعالم الحقيقة، كما قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن : 6]

فإذا انقطع إيمانه بالله انقطع الإيمان بالمغيبات تماماً، فلا يخاف من عوالم الجن والملائكة وغيرها، ولكنه يخاف من كل المؤثرات المادية، بسبب ضعف اليقين بالله تعالى.

لكن قبل التفكير بكل هذه الأشياء، فالواجب على الإنسان أن يتأكد من عدم وجود أمراض نفسية تسبب له هذه الوساوس والاضطرابات المتعلقة بعالم المغيبات، فهناك أمراض نفسية كثيرة تؤدي لذلك. فإذا قطع الطبيب الأمر بأن الحالة ليست مرضية، فعندها يبحث عن الأسباب الأخرى التي تؤثر عليه فتولد لديه هذا الشعور.

والله تعالى أعلم.