العقيدة الإسلامية - العقيدة - الإيمان و التوحيد - الشبهات والاستشكالات
رقم الفتوى 12576
نص السؤال مختصر

كيف نوفق بين حد الرجم وبين الآيات الأخرى التي يتعارض (ظاهرها) معه كآية تنصيف عذاب الأمة {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ } [النساء: 25]، ومعلوم أن الرجم حتى الموت لا يتنصف؟ وهل يمكن أن تعارض السنة القرآن الكريم؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

هذه الآية تتكلم عن حد المرأة المملوكة إذا زنت بعد إحصانها (بالتزويج أو بالإسلام على قولين عند العلماء)، وتنص على أن عذاب المملوكة المحصنة بمقدار نصف عذاب المرأة الحرة إذا زنت، فالمراد بالمحصنات هنا الحرائر خلاف ما قبلها.  

والمقصود هنا بعذاب المرأة الحرة أي غير المتزوجة، وهو الجلد (100) جلدة، فيكون عذاب الجارية المملوكة إذا زنت (50) جلدة.

ولا يدخل في المقصود بعذاب الحرة هنا الرجم بالإجماع فهي خاصة بتنصيف الجلد.

وأما لماذا لم يدخل الرجم هنا في المقصود بهذه الآية فلأن حد الرجم لا يخلو من أحد حالين، إما أن يكون قد شرع قبل نزول هذه الآية أو بعده.

فإن كان قد شرع قبل نزول هذه الآية فإن عدم إمكانية تنصيفه دلتنا على أن الرجم غير مقصود هنا، وبالتالي فلا رجم على الأمة حتى وإن تزوجت، فيكون لفظ الآية هنا مخصصاً بقرائن التخصيص الأخرى كالإجماع وغيره، ولهذا روي عن ابن مسعود أنه قرأها (فَعَلَيْهِنَّ نَصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ خَمْسُونَ جَلْدَةً وَلا نَفْيٌ وَلا رَجْمٌ) وهي قراءة شاذة بطبيعة الحال، لكنها توضح لنا فهم ابن مسعود للآية وأنها عنده مخصوصة.

وإن كان حد الرجم قد شرع بعد نزول هذه الآية فلا إشكال أصلاً، إذ إن حكم الآية سيكون خاصاً بما كان مشروعاً حينها لا بما سيأتي بعدها، ثم نزل حكم الرجم لاحقاً خاصاً بالحرائر دون الإماء وبقي ظاهر الآية على ما كان عليه من اختصاصه بالجلد دون الرجم.

مع ضرورة الانتباه إلى أن حكم الرجم قد ثبت نزوله في آية من آيات القرآن الكريم قبل أن تنسخ تلاوتها ويبقى حكمها، فالتعارض الذي يفترضه السائل هنا يقع في الحقيقة بين آيات القرآن نفسه قبل أن يقع بينها وبين السنة النبوية وفق نظرته. 

وما ذكره السائل الكريم من تعارض مع القرآن الكريم فإنه تعارض متوهم لا حقيقي، لأنه في الحقيقة تعارض بين (فهم الأخ السائل) للقرآن وبين ما ثبت في السنة النبوية، لا بين القرآن والسنة.

وأياً ما كان فهمه للآية ومدى تعارضها مع حد الرجم فإن قصارى فهمه أن يكون فهما ظنياً لا قطعياً، وحد الرجم حد قطعي ثبت بالتواتر القولي والعملي، ولا يصح أن يعترض بالفهم الظني على الحد القطعي.

فإما أن يجمع بينهما على أحد وجوه الجمع التي ذكرتها أعلاه أو غيرها، وإما أن يتعذر الجمع ويلجأ إلى الترجيح، وحينئذٍ فلا شك أن الحد القطعي مقدم على الفهم الظني، فيتوقف عن الفهم الظني لمعارضته للحد القطعي لا العكس!

وأنصح السائل بمزيد من التروي والبحث العلمي الجاد بالقراءة في كتب أهل العلم قبل الخروج بنتائج مخالفة لإجماع الأمة بمجرد التأملات، وفقنا الله تعالى وإياه لما فيه الخير والصلاح. 

كما يستطيع السائل إن أحب أن يطلع على مناقشة أطول وأكثر تفصيلاً لمسألة حد الرجم أن يطلع على هذا الرابط للّقاء الذي عقده الشيخ ا.د حاتم بن عارف العوني لمناقشة المسألة فأجاد فيه وأفاد : 

https://youtu.be/PZjb0L7OohA 

والله تعالى أعلم.

 

الجواب الكامل
تاريخ النشر بالميلادي 2020/07/31

المفتي


د. براء يوسف حلواني

د. براء يوسف حلواني

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به