الفقه الإسلامي - الآداب و الأخلاق و الرقائق - الآداب - ما يتعلق بالوالدين و الأرحام و عامة الناس
رقم الفتوى 12573
نص السؤال مختصر

ما حكم الغش بالامتحان وماحكم من يساعد على الغش؟ وهل يأثم المراقب الذي يتهاون أو يتغافل عن الطالب الذي يحاول الغش بأي طريقة؟ وهل يجب أن يكون المراقب قاسياً وشديداً بالمراقبة لدرجة حرمان الطالب الغشاش من الامتحان؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

الغش في الامتحان ليس غشاً لشخص واحد، ولكنه غش للأمة كلها في إبراز الجهلة والضعفاء علمياً، وتغييب العلماء وأصحاب الكفاءات.

وعليه فالغش في الامتحان إثمه عظيم جداً ؛ لأن ضرره عام وليس خاصاً كغيره من أنواع الغش، ولأن ضرره يؤدي لهلاك جماعة المسلمين وفناء دولتهم إذا استشرى وفشا في المجتمع.

فقد عطفه النبي ﷺ في الحديث على من حمل السلاح على المسلمين، وسوّى بين المعصيتين في التبرؤ من فاعلهما، فقال: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» [صحيح مسلم]. والغش هنا: عدم تمحيض النصح، أو تزيين غير المصلحة، أو إظهار خلاف ما يضمر.

فإذا كان الغش في امتحانات التوظيف فهو يقارب قول الله تعالى: {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون} [البقرة: 9]، لشناعته في الإضرار بالأمة وبالمسلمين.

والمراقب الذي يتساهل في هذا الأمر مع الطلاب آثم طبعاً، فلا ينبغي أن يغلب عاطفته في مقابل المصلحة العامة والحكم الشرعي، فإذا ساعدهم على الغش أو تغافل عن الطالب الذي يغش فهو شريك لهم في هذه المعصية العظيمة.

ويستوي في ذلك الغش في المواد الدينية أو الدنيوية، وكذا الغش في اللغات الأجنبية، فهذا كله مما يتقوى به المسلمون، بخلاف ما يروجه بعض الجهال من جواز الغش في اللغات الأجنبية، حتى فشا الجهل بيننا فيها، فأصبحنا منعزلين عن العالم علمياً بسبب ذلك، بل وأصبح المختصون بالعلوم الشرعية أبعد الناس عن العلوم العصرية بسبب ذلك، مع أن العلوم الشرعية لا تنفك عن العلوم العصرية في بيان الأحكام وفي تطبيقها.

أما شبهة الضرر الذي يلحق الطالب بسبب حرمانه من الامتحان فذلك لا يضره في شيء إلا ما ورد في المثل: «من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه»، والطالب استعجل النجاح بطريق غير مشروع، فعُوقِب بالحرمان من الامتحان. ثم إن الفائدة التي يجنيها الطالب من تربيته وتأديبه بذلك حتى يستقيم سلوكه وتنصلح أخلاقه أعظم من كل ضرر يصيبه من الحرمان من الامتحان أو حتى الحرمان من فصل كامل أيضاً.

والله أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2020/07/31
اسم المصدر [7]

المفتي


قسم الإفتاء

قسم الإفتاء

المحتوى الخاص به