الحديث الشريف - الحديث - علوم الحديث المختلفة - مصطلح الحديث و غيره
رقم الفتوى 12571
نص السؤال مختصر

ما دليل حد الرجم حتى الموت؟ 

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

إن حدّ الرجم للزاني المحصن قد ثبت (قطعاً) بالتواتر اللفظي والعملي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله في عشرات الأحاديث النبوية الصحيحة: 

فأما الأحاديث (القولية) الصحيحة في بيان حد الرجم عن النبي صلى الله عليه وسلم فهي تزيد عن (25) حديثاً، منها (8) أحاديث في الصحيحين.

وأما الأحاديث (الفعلية) الصحيحة في إقامة النبي صلى الله عليه وسلم حد الرجم في الزاني المحصن فهي تزيد عن (35) حديثا، منها (15) حديثاً في الصحيحين.

وبلغ عدد الصحابة الذين نقلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم حد الرجم من قوله أو فعله أكثر من (40) صحابياً، منهم (15) صحابياً رواياتهم عن حد الرجم في الصحيحين، ولكل واحد من هؤلاء الـ (40) من الصحابة أسانيد متعددة في رواية خبر الرجم قولاً وفعلاً، وهو ما يصل إلى حد التواتر المعنوي ويتجاوزه قطعاً، ولهذا حكم عدد كبير من العلماء قديماً وحديثاً بتواتر أخبار حد الرجم وقطعية ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم تبعاً لذلك، حتى وصل بعض العلماء إلى القول بأنها من قطعيات الدين المعلومة بالضرورة، والتي لا يقبل إنكارها من أحد يعرف الإسلام.

ومن الصحابة الذين نقلوا أخبار الرجم عن النبي صلى الله عليه وسلم:

الخلفاء الأربعة: أبو بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان ذو النورين، وعلي أبو السبطين (أفضل الأمة وأعلمها بعد نبيها صلى الله عليه وسلم بإجماع المسلمين كلهم)، 

وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله (من العشرة المبشرين بالجنة)، 

وأم المؤمنين عائشة (أعلم أمهات المؤمنين)، 

وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود وأبو موسى الأشعري (فقهاء الصحابة وحفاظ القرآن الكريم الذين أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على علمهم وحفظهم)، 

ومعاذ بن جبل (الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأعلم الأمة بالحلال والحرام، وهو إمام العلماء يوم القيامة)، 

وعبد الله بن عباس (إمام المفسرين وترجمان القرآن الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بأن يفقهه الله في الدين ويعلمه التأويل)، 

وغيرهم من سادات الصحابة: كعمار بن ياسر وعبادة بن الصامت وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وعشرات غيرهم.

هؤلاء أعلم العلماء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرؤون القرآن الكريم مثلنا وهم أعلم به منا (لمجالستهم النبي صلى الله عليه وسلم وتعلمهم بين يديه، ومشاهدتهم أسباب النزول، وغير ذلك)، ومع هذا فهم ينقلون حكم الرجم عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويشاركون في إقامته على من يثبت عليه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، ولا يرون فيه (معارضة غير منطقية) لآيات القرآن الكريم. 

هذه القرينة القطعية الظاهرة وحدها توجب على المنصف أن يتوقف عندها، وأن يراجع فهمه للقرآن الكريم، وأن يكرر القراءة والبحث، لأنه دون ذلك لن يكون مؤهلاً لإصدار الأحكام في مسألة قطعية الثبوت كهذه.

فكيف إذا علمت أن علماء الأمة الإسلامية كلهم بكل مذاهبهم ومشاربهم، وبلدانهم ولغاتهم، (ليس فقط أهل السنة والجماعة بل عامة المذاهب الإسلامية الأخرى أيضاً) كلهم اتفقوا على صحة هذا الحكم الشرعي، نقلاً وتنظيراً وتطبيقاً عبر 1400 عام، لا شك أن هذه القرينة مع بقية القرائن الأخرى تدفعك للتروي والتمهل أكثر وأكثر.

 

إذا ما انتهينا من تقرير هذا كمقدمة، فينبغي أن نعرف أن قصة رجم الغامدية التي استغربها السائل ليست القصة الوحيدة التي رجم فيها النبي صلى الله عليه وسلم زانٍ محصن، بل قد رجم النبي عدداً غيرها، منهم (ماعز الأسلمي) الذي اعترف بالزنا رغم الإحصان وطلب التطهير منه (وقد رويت قصة رجم ماعز وحده عن أكثر من 14 صحابياً 6 منهم رواياتهم في الصحيحين)، ومثله (المرأة الجهنية) وهي غير الغامدية المذكورة، ورجم امرأة الأعرابي التي اعترفت بالزنا مع العامل الذي استأجره زوجها، ورجم رجلاً وامرأة من اليهود اعترفوا بالزنا، وجاء اليهود إلى النبي وطلبوا منه إقامة حكم الله فيهم، وغير هذا مما روي في كتب السنة النبوية وتفاصيله تطول.

والله تعالى أعلم.

الجواب الكامل
تاريخ النشر بالميلادي 2020/07/31

المفتي


د. براء يوسف حلواني

د. براء يوسف حلواني

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به