الفقه الإسلامي - المعاملات المالية - متفرقات - غير ذلك ( معاملات )
رقم الفتوى 12535
نص السؤال مختصر

ما حكم العقود التي تسمى بالإيجار القديم؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

فإن القانون القديم للإيجار في عدد من البلدان يعطي الحق للمستأجر أن يبقى في العقار ولو كان عقد الإيجار محدد المدة، ويعطيه الحق في توريثه لمن بعده، وتأجيره لغيره، وأخذ الفروغ الذي يصل إلى قيمة العقار أحياناً إذا كان العقار في مكان مميز له قيمة.

وهنا يجب التنبيه إلى الأحكام الفقهية التالية:

1. لا يجوز للمستأجر شرعاً أن يبقى في العقار بما يزيد عن مدة عقده بحال من الأحوال، سواء كان العقار بيتاً أو دكاناً أو أرضاً زراعية.

2. في حال كان العقار سكناً وليس له غيره فيكلف بالبحث عن بيت قبل انتهاء مدة العقد ونقل متاعه مع نهاية العقد أو قبل ذلك. ولا بأس إن تأخر بعض الوقت حتى يعثر على مسكن وينقل أغراضه في حال وجود أزمة سكن، وتكون المدة الإضافية التي بقيها في العقار مضمونة لحق المؤجر.

3. إذا بقي وقتاً زائداً عن مدة عقد الإجارة دون رضى المؤجر فهو غاصب، والعقد باطل شرعاً، ولو وثقه المستأجر تبعاً لقانون الإيجار القديم أو قانون الأمم المتحدة أو كل قوانين الأرض الوضعية، ويجب عليه تسليم العقار لصاحبه شرعاً. ولنضع نُصْبَ أعيننا قول النبي ﷺ: «مَنْ ظَلَمَ مِنْ الْأَرْضِ شَيْئًا طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» [متفق عليه]. فكيف بمن يظلم ملايين الهكتارات في زماننا ويغصبها؟!! وكيف إن كان هذا العقار موقوفاً؟!!

4. الفرق المادي بين الإيجار الحقيقي والإيجار الذي يدفعه للمؤجر الناتج عن التقادم وعن انخفاض قيمة العملة هو سحت والعياذ بالله تعالى، وسيُحَاسَب عليه يوم القيامة، وهو مال حرام يأكله من حق المؤجر ويطعمه لذريته بالحرام، فكيف وقد مر على العقار على هذه الصورة 50 عاماً وأصبحت قيمة إيجاره مليوناً وهو يدفع 500 فقط لا غير. فلنتذكر قول النبي ﷺ: «لاَ يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلاَّ كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ» [الترمذي وأحمد].

5. لا يجوز شرعاً الاستئجار من المستأجر ولا دفع الفروغ له؛ لأن في ذلك تضييع لحق المؤجر والمالك الحقيقي للعقار، والاستئجار بعد الاستئجار يُذْهِب حق المالك في أصل الملك تماماً. إلا إن استأجره على نية تسليمه لمالكه الحقيقي، فيكون له أجر إعادة الحق لصاحبه وإزالة يد الغاصبين عنه، ويكون ما دفعه من الفروغ صدقة ثوابها عظيم عند الله؛ لأنها أزالت ظلماً ناتجاً عن قوانين مخالفة للتشريع الإسلامي.

6. لا يجوز للورثة تقاسم هذا العقار المغصوب، ويجب عليهم تسليمه لمالكه، والذي يخاف الله منهم يجب أن يسلمه لمالكه الحقيقي ويتقرب إلى الله تعالى بذلك، ولا يضره أن يكون باقي الورثة غاصبين أو يأكلوا مالاً حراماً، فلا ينبغي له أن يتأسى بهم فيما حرمه الله عليه وعليهم، ولا أن يدخل جهنم لأنهم دخلوها.

7. أوصي كل من بيده شيء من ذلك المال المغصوب أن يسارع للتحلل من هذه المعصية في أسرع وقت ممكن، قبل أن يتكاثر المستأجرون (الغاصبون)، وقبل أن ينتقل ملك العقار للورثة فيصعب عليه التحلل من ذنبه من جميع الورثة، فتصعب عليه التوبة ويستثقل ذلك بوسوسة الشيطان له.

وفي الختام أوصي كل مسلم أن يتقي الله في حقوق الخلق، فحقوق الخالق قد تدخلها المغفرة من الله، لكن حقوق الخلق تمنع من دخول الجنة وتمنع من استجابة الدعاء وتمنع من قبول الحج إن كان من مال حرام. فلنتق الله في أنفسنا وذريتنا، ولا تأخذنا العزة بالإثم، لعل الله يرفع غضبه ومقته عنا بإعادة الأملاك لأصحابها، فحالنا في هذا الزمان يُرْثى له.

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2020/06/21
اسم المصدر [7]

المفتي


قسم الإفتاء

قسم الإفتاء

المحتوى الخاص به