الفقه الإسلامي - ما يخص الفقه و أصوله - ما يخص الفقه - الحظر و الإباحة
رقم الفتوى 12494
نص السؤال مختصر

حكم تعلم الباليه للكبيرة أو الصغيرة؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله، والحمدلله ،والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعدُ :

فتعلق الحكم يختلف بين الصغار والكبار، فالحكم التكليفي في الصغار متعلق بالوالدين، وبالوصي بالنسبة للأيتام، وبمدير المدرسة في الوقت الذي يكون الأطفال في أمانته. أما الكبار فهم أهل للتكليف ويتعلق الحكم التكليفي بهم. فهما مسألتان:

أولاً: في الصغار غير البالغين: الواجب على الوالدين والأوصياء تعليم الصغار ما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم، ولا يجوز لهم أن يشغلوا أوقاتهم بما لا فائدة فيه أو يستغرق أوقاتاً طويلة مع فائدة قليلة محدودة. بل من واجبهم أيضاً إرشادهم إلى ملء وقتهم بما بنفع وتوجيههم إليه، حتى لا يكون من طبيعتهم بعد الكبر إضاعة الوقت، وحتى يكونوا قادرين على تربية أولادهم بعد زواجهم.

وتدريبات رقص البالية تستغرق أوقاتاً طويلة تصل إلى ثمان أو تسع سنوات ليتمكن المتدرب من إتقان عناصرها الحركية المختلفة [الويكيبيديا]، بمتوسط 7-8 ساعات يومياً [موقعة الرؤية، شارميلا تعلّم الرقص بالقلب والروح، 4/يناير/2014م]، في مقابل أن فائدتها قاصرة على منح الجسم المرونة البدنية.

والتوجيه في ذلك أن يقتصر الأهل على التدريبات التي تكسب الجسم المرونة. وفائدة ذلك ما يلي:

1. حصل مقصود الترفيه وتسلية القلب بأقل الأوقات.

2. أصبحت على سبيل التريض وإفادة بدن الطفل.

3. عدم إتقانه لها؛ لئلا يتخذها صنعة ويمتهنها في الكبر.

فتتحقق المصالح منها مع درء المفاسد الحاصلة والمتوقعة في ذات الوقت، ثم إذا كبروا ينظرون في الحكم التكليفي المتعلق بهم في ذلك.
كما أننا نذكر الأولياء بالحذر من تعلق قلوب الأولاد بهذه الرقصات، حتى إذا أتقنوها وكبروا اتخذوها مهنة دون الالتزام بالأحكام والضوابط الشرعية، أو يقعون تحت ضائقة مالية فيميلون إلى ذلك لما فيه من عوائد كبيرة بجهد قليل، فيكون وزرهم على من علمهم ورباهم على ذلك.

ثانياً: في الكبار البالغين: يختلف الحكم بين الرجال والنساء:
* أما الرجال فقد اتفق العلماء على أن الرقص مع التكسر حرام، ورقص البالية فيه من التكسر والمياعة في حق الرجال ما هو معلوم، كما أن الإكثار من الرقص من خوارم المروءة، وعند بعض الفقهاء هو حرام، ورقص الباليه يستغرق الساعات الطويلة في التدريب، فكيف بمن اتخذه مهنة؟!!
* أما النساء فيختلف الحكم بين الأبكار والثيّبات:
فالأبكار يجوز لهن تعلمه، عدا حركات توسيع الحوض؛ لأنها تؤدي إلى تمزق غشاء البكارة في بعض الحالات، ويحرم عليهن الإضرار بأنفسهن.
مع التذكير بعدم الإسراف في صرف الوقت وإضاعته في ذلك؛ لما سبق من أن إضاعة الوقت فيما لا كبير فائدة فيه يحرم شرعاً.
أما الثيّبات، فالأصل أن الرقص يكون للزوج كنوع من التغنج والغزل والمداعبة بين الأزواج، وهو مقصوده. فلا بأس به إن طلبه الزوج، مع التذكير بعدم الإسراف في صرف الوقت وإضاعته أيضاً.
أما تعلم الأبكار والثيّبات لرقص الباليه للاستعراض أمام النساء فأرى كراهته والله أعلم؛ لأنه لا يتحقق إلا مع الإتقان، والإتقان لا يحصل إلا مع تضييع ساعات وسنوات من الوقت فيما لا كبير فائدة فيه، وهو غير مقصود شرعاً لنبيح إضاعة الوقت فيه، كما أنه كغيره من المباحات إن أسرف الإنسان فيها صارت مكروهة، فإن تجاوز الحد أكثر فأكثر فستصل إلى التحريم.
ويجب التنبيه إلى أنه حتى في الحالات التي يجوز الرقص فيها، فيجب الانتباه إلى ضرورة الالتزام ببعض الضوابط الشرعية، وهي:

1. يحرم ارتداء ما يشف العورة أو يجسمها أمام الناس، وبالأخص العورة المغلظة (القُبُل والدُبُر)، ورقصة الباليه يصعب تأديتها دون ارتداء ألبسة تصف الجسم.

2. يحرم رقص المرأة في حضرة الرجال الأجانب، أو في حضرة المحارم من الرجال مع التكسر والتغنج؛ لأن ذلك ليس من الزينة التي جرت العادة بظهورها أمام المحارم.

3. عدم إضاعة الكثير من الوقت في هذا الأمر، وضابط ذلك موكول إلى موازنة المكلف بين مقدار الوقت الذي ينفقه في هذا الأمر، والوقت الذي ينفقه في الأعمال الأخرى التي فيها نفع كبير للمكلف أو للناس في دينهم أو دنياهم؛ لأن النبي ﷺ قال: «لاَ تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ» [الترمذي].
وأذكر قبل أن أختم أننا أمة دعوة وبناء وإصلاح، فلنحاول أن نشغل أنفسنا وأهلينا بما يحقق هذا الهدف العظيم الذي سخرنا الله له عندما جعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2020/05/22
اسم المصدر [7]

المفتي


قسم الإفتاء

قسم الإفتاء

المحتوى الخاص به