الفقه الإسلامي - القرآن الكريم - علوم القرآن و أحكام المصاحف - علوم القرآن
رقم الفتوى 12416
نص السؤال مختصر

ماحكم قراءة القرآن بالمقامات؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله، والحمدلله ،والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعدُ :

علم المقامات هو قواعد وأصول لضبط الصوت حتى يكون مقبولاً ومنسجماً مع طبيعة الإنسان السوية، فيشعر بالراحة النفسية عند سماع تلك الأصوات المتناسقة، بعيداً عن النشاز الذي يثير الاشمئزاز .

وعلم المقامات أشبه بعلم العروض الذي وضع له علماء اللغة العربية أوزاناً محددة وقواعد للقصيدة يُعرف بها صحيح الشعر من سقيمه وفاسده،
وفيما يتعلق بقراءة القرآن الكريم بحسب المقامات ففيه تفصيل :

إذا التزم القارئ بأحكام التجويد ، مع أدائه بمقام معين دون تمطيط وخروج عن قواعد التجويد فهو جائز .
واذا قرأ القرآن الكريم بمقام معين وأخلَّ بقواعد أحكام التجويد فلا يجوز .
إذن بشكل عام الحكم جائز وفق ضوابط وقواعد علم التجويد .

وسأنقل ما أفتى به كبار علماء الأمة في هذه المسألة من المتقدمين والمتأخرين :
1- قال الإمام النووي رحمه الله في <<التبيان في آداب حملة القرآن »:
( أجمع العلماء - رضي الله عنهم - من السلف والخلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار أئمة المسلمين على استحباب تحسين الصوت بالقرآن ، وأقوالهم وأفعالهم مشهورة نهاية الشهرة، فنحن مستغنون عن نقل شيء من أفرادها.

ودلائل هذا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستفيضة عند الخاصة والعامة، كحديث: زينوا القرآن بأصواتكم وحديث: لقد أوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود
وحديث: من لم يتغن بالقرآن فليس منا"

قال العلماء - رحمهم الله -: فيستحب تحسين الصوت بالقراءة، وترتيلها ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن أفرط حتى زاد حرفاً أو أخفاه فهو حرام.
وأما القراءة بالألحان فقد قال الشافعي - رحمه الله - في موضع: أكرهها.
قال أصحابنا: ليست على قولين، بل فيه تفصيل، إن أفرط في التمطيط فجاوز الحد فهو الذي كرهه، وإن لم يجاوز فهو الذي لم يكرهه.

وقال أقضى القضاة الماوردي في كتابه الحاوي:
القراءة بالألحان الموضوعة إن أخرجت لفظ القرآن عن صيغته بإدخال حركات فيه، أو إخراج حركات منه، أو قصر ممدود، أو مد مقصور، أو تمطيط يخفي به بعض اللفظ، ويتلبس المعنى - فهو حرام، يفسق به القارئ ويأثم به المستمع؛ لأنه عدل به عن نهجه القويم إلى الاعوجاج، والله تعالى يقول: قرآناً عربياً غير ذي عوج
قال: وإن لم يخرجه اللحن عن لفظه وقراءته على ترتيله كان مباحاً ، لأنه زاد على ألحانه في تحسينه، هذا كلام أقضى القضاة.

وهذا القسم الأول من القراءة بالألحان المحرمة مصيبة ابتلي بها بعض الجهلة الطغام الغشمة، الذين يقرؤون على الجنائز وبعض المحافل، وهذه بدعة محرمة ظاهرة، يأثم كل مستمع لها، كما قاله أقضى القضاة الماوردي ، ويأثم كل قادر على إزالتها أو على النهي عنها إذا لم يفعل ذلك، وقد بذلت فيها بعض قدرتي ، وأرجو من فضل الله الكريم أن يوفق لإزالتها من هو أهل لذلك، وأن يجعله في عافية ) .

2- وقال الشيخ زكريا الأنصاري في شرح روض الطالب :
( فأما القراءة بالألحان فأباحها قوم وحظرها آخرون، واختار الشافعي التفصيل وأنها إن كانت بألحان لا تغير الحروف عن نظمها جاز وإن غيرت الحروف إلى الزيادة فيها لم تجز، وقال الدارمي: القراءة بالألحان مستحبة ما لم يزل حرفاً عن حركته أو يسقط فإن ذلك محرم ) .
3- وقال العلامة ابن العربي المالكي في الأحكام : ( واستحسن كثير من فقهاء الأمصار القراءة بالألحان والترجيع, وكرهه مالك. وهو جائز { لقول أبي موسى للنبي عليه السلام : "لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيراً " يريد لجعلته لك أنواعاً حساناً , وهو التلحين , مأخوذ من الثوب المحبر , وهو المخطط بالألوان ) .

4- قال الشيخ محمود خليل الحصري :
(والذي أراه أنه يجوز للقارئ بأن يقرأ بأية نغمة من النغمات الموسيقية: الحجاز، النهاوند، العشاق، الصبا، العجم، الرست إلى غير ذالك من النغمات بشرط أن يحافظ كل المحافظة على قواعد التجويد، ولا ينحرف عنها يمنة ولا يسرة بحيث يجعل هذه القواعد في المحل الأول، ويؤثر رعايتها على رعاية قواعد الموسيقي حتى إذا تعارض عنده - في بعض الأحيان – ضبط الكلمة القرءانية من ناحية التجويد، وضبطها من ناحية الموسيقى بحيث يتعسر عليه ضبط الكلمة من الناحيتين معاً فإنه يؤثر ضبطها تجويداً ، ولو ترتب على ذالك الإخلال بقواعد الموسيقى. أما إذا كانت القراءة بهذه النغمات تؤدي إلى الإخلال بأصول التلاوة وأحكام الأداء فإن القراءة بها تكون محرمة بإجماع المسلمين، يأثم القارئ بقراءتها، ويأثم المستمع بسماعها ) .
[انظر مع القران الكريم للحصري])

تاريخ النشر بالميلادي 2020/04/07

المفتي


د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به