الفقه الإسلامي - الآداب و الأخلاق و الرقائق - الآداب - ما يتعلق بالوالدين و الأرحام و عامة الناس
رقم الفتوى 12396
نص السؤال مختصر

تعاقدت مع آنسة لتدريس أهلي القرآن والفقه، ثم تبين لي أنها تستغل الدين لأجل المال فكيف أتعامل معها ؟

نص السؤال الكامل

اتفقنا مع آنسة لتعليم أمي وأولاد أخي وأولاد أختي القرآن الكريم وبعض دورس الفقه التي يجب أن تعلم بالضرورة - دورس خصوصي - على أن تاتي يومين عند أولاد أخي مع أمي، ويومين عند أولاد اختي، وطلبت منها أن تتابع مع والدتي تعليم القراءة والكتابة وتقويتها بقراءة القرآن لأن قراءتها ضعيفة، واتفقنا على أجرة الساعة 2100 ل.س تقريباً، والمبلغ الإجمالي 115000 شهرياً، وكانت قيمته حينئذ 230 0 تقريباً، ولم أساومها بالأجرة، وقلت في نفسي أهم شيء عندي أن يتعلموا و يتأسسوا منذ الصغر تأسيساً قوياً ، وبنية إكرام أهل العلم الشرعي ، خاصة أن الآنسة فقيرة، علماً أنني لاجئ في ألمانيا، فأردت أن استثمر ما أدخره في العلم النافع، وفي صدقة جارية بعد الممات لا أبتغي بها إلا وجه ربي سبحانه، ومما لاحظته خلال الحديث مع أهلي بالهاتف أن الآنسة جيدة وأسلوبها جيد في الإعطاء وكلهم أحبوها ويتعلمون والوضع جيد غير أنها تحاول أن تطيل مدة الدروس، وكلما أطلب منها تحديد مدة للكتاب ( من تاريخ كذا إلى تاريخ كذا ) كانت لا تعطيني مدة أو تتحايل بطريقة ما دون أن تعطيني جواباً محدداً وهذا بصراحة ما أثار الشكوك حول هذا الأمر، وكلما أردت التحدث إليها لأطمئن عن سير الدروس والنتائج تقول لي لا أستطيع أن أتكلم صوت لدي وضع خاص وكل التواصل يكون عن طريق الرسائل ، وقلت لها سوف أخصص لأهلي أمي وأختي وأولادها مبالغ مالية صغيرة من باب التشجيع والاستمرار وعدم الغياب في الصيف بعدما اشتكت لي تغيبهم، ووضعت لهم سيارة أجرة تأخذهم وتأتي بهم إلى المنزل لكي يظلوا متابعين للدورس إلى نهاية الدورة الصيفية، والذي يحزنني ليس المال وآخر ما افكر فيه هو المال ، الذي يحزنني هو طريقة التحايل {وقد ذكر السائل بعض أساليبها} وخلق الأعذار و الحجج للتكسب عن طريق الدين بهذه الطريقة، لا أريد أن أظلم أحداً ، وبنفس الوقت لا أريد أن يتم التحايل على الناس بهذه الطريقة وهذا الموضوع يؤلمني كثيراً لأنه موضوع ديني، وإلى الآن لم أرسل لها حساب الآنسة، ولكن أحببت أن أسمع نصيحتكم والفتوى بخصوص هذا الموضوع ؟

الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

أولاً، اعلم - أحسن الله إليك - أن فعلك عظيم الأجر والأثر بإذن الله - جعلك الله من المتقبلين - فإياك التخلي عن متابعة هذا العمل مهما تعرضت لظلم بعض المنتسبين للعلم وأهله.

ثانياً، هناك عدة احتمالات تفسر سبب فعل هذه الآنسة، أما عن تهربها من المكالمات الصوتية فهذا طبيعي جدا عند جماعة من المنتسبات للمساجد، إذ قد يكون سبب رفضهم التواصل الصوتي بحجة سد الذرائع، وأما عن تطويلها المدة فالعلاج هو أن تتفق معها على النتائج لا على الساعات والأشهر، فيُقال لها مثلاً لك كذا إن أعطيت الأولاد الكتاب الفلاني كاملاً ، ثم اختبرهم إن كنت متمكناً من هذا الكتاب أو اطلب من أحد يمكنه السبر لهم، وعلى قدر النتائج تكون المكافأة، وقد يكون جشعاً منها و زلة أمام فتنة المال، وطلبة العلم غير معصومين عن الفتن، خاصة إن زادت فتنة الفقر والحاجة.

ثالثاً، الصواب أن تعدّ المال المقدم للآنسة بمثابة كفالتها هي كطالبة علم شرعي ، عندئذٍ لا تحزن على تقصيرها، ولكن تحزن على أثر تقصيرها الواضح في أسرتك {أي طلابها}.

رابعاً، مصلحة أسرتك مقدمة على مصلحتها، فإن صارت هذه الآنسة محطّ ريبة عندك فابحث عن أخرى، وإن أردت أن ترسل لها بعد الاعتذار منها كل حين مبلغاً هدية منك فآنت مشكور مبرور.

خامساً، الأصل ألا تحدد أنت المنهج والمسار التعليمي، بل تترك ذلك للآنسة إلا إن كنت طالب علم وتفقه فقه الأولويات {وقد ذكر السائل بعض التفاصيل التي تفيد بأنه حدد بعض مسار منهج الآنسة}.

سادساً، ادفع للآنسة ما تستحقه - بعد تقييم عملها وخصم ما قصرت به - إذ هو حق لها، وإن زدتها فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.

سابعاً، سواء اعتذرت عن متابعة العمل معها أَو استمررت فاعمد إلى نصحها، لئلا يتكرر الفعل منها مع آخرين فتُسيء للدين وأهله.

نسأل الله أن يخرج على يدك أكابر العلماء والدعاة تُخدم الأمة على أيديهم.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2020/04/01

المفتي


قسم الإفتاء

قسم الإفتاء

المحتوى الخاص به