الفقه الإسلامي - ما يخص الفقه و أصوله - ما يخص الفقه - أسئلة لاتتعلق بحكم
رقم الفتوى 12226
نص السؤال مختصر

هل السفر للحج مشياً على الأقدام خير من ركوب الطائرة ؟ وهل الوضوء بالماء البارد خير من الوضوء بالماء الدافئ ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

أولاً، المشقة في الشريعة ليست مقصودة بذاتها، بل إن وجدت لا تعدو أن تكون تابعة، قال تعالى : {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج : 78].

ثانياً، بعض الأعمال الصالحة لا تنفك عنها المشقة، كالجهاد والصيام وغيرهما، وهنا يؤجر المسلم على المشقة التي تلحقه أثناء العبادة، والتي ليس بإمكانه تفاديها، قال صلى الله عليه وسلم : {إنَّ لك من الأجرِ على قدْرِ نَصَبِك}.

ثالثاً، إن قصد المسلم عملاً صالحاً وكان للإتيان به طريقان، أحدهما شاق، والآخر ليس فيه مشقة، فالصواب والموافق لمقاصد الشريعة وروحها الإتيان بما لا مشقة فيه، لا بالصعب الشاق، قال تعالى : {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة : 185]

رابعاً، ينطبق ما سبق على الأمثلة المذكورة في السؤال، فأما الحج ماشياً فجهل وإضاعة للوقت والجهد دون سبب معتبر، وقد حج صلى الله عليه وسلم راكباً، فدل ذلك أن الحج ماشياً مفضول وليس الأفضل كما يعتقد البعض، وفي الحديث : جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : يا رسولَ اللهِ إنَّ أختِي نذرتْ تعني أن تحجَّ ماشيةً . فقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إنَّ اللهَ لا يصنعُ بشقاءِ أختِك شيئًا فلْتحجَّ راكبةً وتكفِّرْ عن يمينِها.
وأما الوضوء بالماء البارد مع إمكانية تسخينه فليس صواباً، أما قوله صلى الله عليه وسلم :؛{ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات ؟} قالوا : بلى، يا رسول الله. قال صلى الله عليه وسلم : {إسباغ الوضوء على المكاره} أي إتمام الوضوء في البرد عند عدم وجود ما يُسخن به، فالمقصود إتمام الوضوء بفروضه وسننه، لا تعذيب النفس.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/12/24

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به