الفقه الإسلامي - العبادات و ما يلحق بها - الطهارة - الوضوء و الغسل
رقم الفتوى 12223
نص السؤال مختصر

الجنب في الشام أحياناً لا يجد الكهرباء ليسخن الماء ولا يستطيع تسخينها على الغاز وما شابه لقلتها، والماء بارد، ونحن في الشتاء، فما حكم التيمم في هذه الحالة ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

أولاً، شُرع التيمم عند العجز عن استعمال الماء، والعجز إما لفقد الماء أو لتعذر استعماله مع وجوده بسبب مرض أو نحوه، قال تعالى :{وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء : 43]، بل ويُشرع لخوف حدوث مرض أو زيادته {أي المرض}، أو بطء برء، ومن باب أولى لمن خاف على نفسه الهلاك، وفي الحديث : أن عمرو بن العاص قال : احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال : " يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب ؟ ". فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت : إني سمعت الله يقول : { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما }. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً.

ثانياً، جاءت الشريعة بالتيسير ورفع الحرج لا بالمشقة والتعسير، قال تعالى :{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج : 78]، وقال تعالى : {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة : 185].

ثالثاً، الأصل أن من يجد ما يسخن به الماء لا يجوز له التيمم، لأنه واجد للماء وقادر على استعماله.

رابعاً، معلوم أن أهل الشام ومن جاورهم يفتقر أكثرهم للكهرباء والوقود، كما أن الكثير منهم من الطبقة المتوسطة والفقيرة، فتسخين الفقير أو متوسط الحال الماء على الغاز مثلاً - عند انقطاع الكهرباء - لأجل الغسل ربما يسبب له حرجاً من ناحية الوقود، لقلتها وارتفاع سعرها ولحاجته - في استعماله اليومي - لها، كما أن الغسل بالماء البارد في الشتاء من المشقة بمكان، وإن كان الماء ليس شديد البرودة، فأرى أن من كانت هذه حالته فيجوز له التيمم، إذ تدخل في الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة.

خامساً، من يعلم أن غسله يحتاج القليل من الماء لا كثيره فيلزمه تسخين الماء وإن كان فقيراً وكانت الوقود قليلة ومرتفعة الثمن لأنه ليس في تسخينه حينئذ مشقة مالية تلحقه، كذا من يعلم أن الكهرباء ستعمل بعد قليل فيلزمه الانتظار ما لم يتضرر بانتظارها، فيحينئذ يجوز له التيمم {كمن كان يلزمه الخروج للعمل في وقت معين}.

سادساً، كل ما سبق هو في غسل الجنابة حصراً، فليس للوضوء ذات الحكم، إلا إن خاف على نفسه الضرر أو المرض - وهذا مستبعد عادة - فيجوز له حينها التيمم للوضوء.

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/12/24

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به