الحديث الشريف - الحديث - الحديث النبوي و ما يرشد إليه - شروح الحديث وما يرشد إليه |
|
---|---|
رقم الفتوى | 12118 |
نص السؤال مختصر | أحد صالحي أسرتي تعرض لشلل منعه من الحركة والكلام، وقد كان يكثر من أعمال الخير حتى صار مضرب المثل بالصلاح، مما أدى شلله لزعزعة عقيدة الأسرة، يعنون : كيف يكون صالحاً ويبتلى هذا البلاء وقد أفنى حياته في مرضاة الله تعالى؟ فما أقول لهم؟ |
الجواب الكامل | بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد : فاهتزاز أركان عقيدتهم مبني على أمرين : وهذا اعتقاد لا يصح، لأمور : ثانيها، أن رأس الصالحين صلى الله عليه وسلم تعرض للابتلاء في دينه ودنياه خلال سنوات كثيرة الشيء الكثير، فمما تعرض له في دنياه : دفنه كل أولاده في حياته إلا ابنته فاطمة رضي الله عنها. ومما تعرض له في دينه : ماجاء في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد { جرح وجهه، وكسرت رباعيته، وهشمت الخوذة على رأسه}. وفتنة الدين أشد من فتنة الدنيا، إذ يجاهد بماله ونفسه في سبيل الله ثم يؤذى في الله، وهو سيد الخلق صلى الله عليه وسلم. وقد أنزل الله رسوله ليس لنتغنى بقصته، بل قال تعالى في قرآن يُتلى إلى يوم القيامة : {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب : 21]، والأسوة الحسنة تشمل الاقتداء به في كل خير، ومن ذلك صبره صلى الله عليه وسلم على البلاء وتعامله معه. وفي صبر الصحابة رضي الله عنهم عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وتتلخص معاناتهم في حديث خباب رضي الله عنه إذ قال : {شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له : ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا ؟ قال صلى الله عليه وسلم : كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب ، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون }. ثالثها، أنه قد ورد نص صريح قطعي الدلالة بأن الابتلاء والصلاح يتناسبان طرداً لا عكساً، ففي الحديث : {يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة}. قال البغوي في تفسير الأية الأولى : [أي ما جزاء من أحسن في الدنيا إلا أن يُحسَن إليه في الآخرة]. الأمر الثاني : اعتقاد الصلاح في المبتلى، وهذا صحيح في بعض الحالات، وغير صحيح في بعضها الآخر، فالناس لا تعلم إلا الظاهر والمعلن، والله يعلم الظاهر والباطن، والمخفي والمعلن، فقد يكون المرء صالحاً في الظاهر وهو غارق في الكبائر من أمراض القلوب كالرياء والحسد وغيرهما. وليس معنى ذلك التشكيك فيمن ظاهره الصلاح، {بل لنا الظاهر ونوكل باطنه لله تعالى}، إنما في التسليم لحكمة الله عز وجل، {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} [الزخرف : 84]. |
تاريخ النشر بالميلادي | 2019/12/04 |