الفقه الإسلامي - العبادات و ما يلحق بها - ما يلحق بالعبادات - اللباس والزينة
رقم الفتوى 12044
نص السؤال مختصر

حكم إزالة الوشم لمن تاب؟

نص السؤال الكامل

امرأة وشمت على جسمها وفوق عيناها ثم علمت بعدم جواز الوشم وتابت أي تبدوان كأنهما مكحلتين دائما دون حاجة لمكياج فهل يتوجب عليها إزالة الوشم؟ وماحكم الصلاة إذا كان موضع الوشم على الوجه؟

الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله، والحمدلله ،والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعدُ :

الوشم نوعان :
1- الوشم الدائم :
أ- وهو الذي يتم عن طريق إحداثِ ثقْب في الجلد باستخدام إبرة معينة، فيخرج الدم ليصنع فجوة، ثم تُملَأ هذه الفجوة بمادة صبغية، فتُحدِث أشكالاً ورسوماتٍ على الجلد .

قال الإمام النووي في "شرح النووي على مسلم"
: [ الوشم وهو أن تغرز إبرة أو مسلة أو نحوهما في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة أو غير ذلك من بدن المرأة حتى يسيلَ الدم، ثم تحشو ذلك الموضعَ بالكحل أو النَّوْرَة فيخضَرُّ، وقد يفعل ذلك بداراتٍ ونقوشٍ، وقد تكثِّره وقد تقلِّله، وفاعلةُ هذا واشمة، والمفعول بها موشومة، فإن طلبت فعل ذلك فهي مستوشِمة] اهـ.

فالوشم بهذه الطريقة حرامٌ؛ للحديث الذي رواه الشيخانِ في "صحيحيهما" -واللفظ لمسلم- عَنْ علقمةَ عن عبد اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَال: «لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ» قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ، وَكَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَأَتَتْهُ، فَقَالَتْ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: وَمَا لِيَ لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم؟ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ! فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَيِ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُهُ، فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: 7].

ب- وهذا النوع من الوشم تجب التوبة منه وإزالته بشرط : إن كانت إزالته بطريقة لا تضر العضو الموشوم ، ولا تصح الصلاة إلا بعد إزالته إن أمكن بدون ضرر لأن الدم النجس انعقد بسبب اللون الموشوم به ، ولا تزول نجاسته بالغسل كسائر النجاسات .

أما إذا كانت الإزالة تؤدي إلى ضرر وأذى يلحق بالجلد فلا حرج وتصح صلاتها ، وتكفيها التوبة والاستغفار ومعاهدة الله تعالى في عدم العودة لذلك .

قال العلامة الخطيب الشافعي :
[ الوشم -وهو غرز الجلد بالإبرة-حرام للنهي عنه ، فتجب إزالته وذلك إذا لم يخف ضرراً من الأضرار التى تبيح التيمم - بإحداث مرض أو زيادته - ، فإن خاف لم تجب إزالته ولا إثم بعد التوبة ] .

2- الوشْم المؤقَّت، والذي تستخدمه بعضُ النساء : كتحديد العين بدل الكحل أو رسم الحواجب، أو عمل بعض الرسومات الظاهرية على الجلد باستخدام الصبغات التي تزول بعد فترة قصيرة من الوقت ولا يأخذ الشكل الدائم، - وليست صوراً لحيوانات أو تدل على رموز تتعلق بأمور محرمة كالدلالة على أوثان أو شيطان - فإنه داخلٌ تحت الزينة المأذون فيها، لا تحت الوشم المنهي عنه، ويتمُّ عمَلُ هذا النوع من الوشم بأحد طريقتين:

إما باستخدام أداة معينة للرسم بحيث لا يسيل معها الدم، أو يكون عن طريق لاصق يوضع على الجسم، ويكون فيه رسمة معيَّنة أو شكل معيَّن، فيُطبَع على الجلد لفترة ما، ومن ثَمَّ يزولُ مع الوقت واستعمال الماء، وهذا النوع من الزينة لا حرج فيه من حيث الأصل إذ هو أشْبَه بالاختضاب بالحناء المباح شرعاً ؛ إذ إن الاختضاب بالحناء يكون فقط للطبقة الخارجية للجلد لا يتعمق إلى داخله، ويزول بعد فترة من الوقت.

قال الإمام المواق في "التاج والإكليل لمختصر خليل" :
[ولما ذكر عياض الوعيد في الوشم قال: وهذا فيما يكون باقياً، وأما ما لا يكون باقياً كالكحل فلا بأسَ به للنساء].

وقال الإمام الماوردي في "الحاوي الكبير" :
[وأما الوشْم بالحناء والخضاب فمباحٌ، وليس مما تناوله النهي] .

أما فيما يتعلق بحكم إظهار الكحل وغيره من الرسومات عن طريق الوشم المؤقت أمام الرجال الأجانب من غير الزوج والمحارم فيعتبر من الزينة التي يجب إخفاؤها وسترها أمامهم .

والله تعالى أعلم 

تاريخ النشر بالميلادي 2019/11/18

المفتي


د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

د. خلدون عبد العزيز مخلوطة

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به