الفقه الإسلامي - ما يخص الفقه و أصوله - ما يخص الفقه - أسئلة لاتتعلق بحكم
رقم الفتوى 12040
نص السؤال مختصر

ما السبيل ليستخدمني الله في الخير ولا يستبدلني؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

فقد سألت عن عظيم، قال صلى الله عليه وسلم : إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله ". فقيل : كيف يستعمله يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " يوفقه لعمل صالح قبل الموت.

وفيه أن استعمال الله لعبده فضيلة ورفعة، وأن ذلك بإذن من الله وتوفيقه.
واستعمال الله لعبده يكون في أمرين اثنين : خدمة دينه وعباده.
والفرص المتاحة لخدمة دين الله تعالى وعباده كثيرة جدا، وتتكرر معنا بشكل يومي، في الأمور العظيمة والجزئية الصغيرة، والناس مع هذه الفرص مراتب :
منهم من هو غافل عنها مطلقاً لكثرة ذنوبه مشتغل بنفسه وشهواته، إذ الذنوب تجعل على القلب راناً تصمه وتعميه.
ومنهم من فطن لهذه الفرص بمحض فضل من الله وتوفيقه، وهؤلاء قسمان :

الأول، ظفر بهذه الفرص فاستعمله الله وثبته عليها، ورزقه فرصاً أخرى أعظم شأناً وأكثر ثواباً وتأثيراً.

الثاني، من خذلوا أنفسهم فخذلهم الله تعالى واستبدلهم.

وباستقراء الواقع ونصوص الوحي وجدت أن سبب استبدال هؤلاء يرجع لسببين اثنين :

الأول، الإعراض الكلي عن العمل بعد التفطن له بأنه عمل خير.

والثاني، خلل في أداء هذا العمل : وأمثلته كثيرة، منها :
- التأخر في أدائه، وعدم إتقانه : وفيهم أذكر قوله تعالى : {فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ۖ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء} [محمد : 38]

- الاستخفاف بقيمته، والتكبر والتعالي : ظناً من الفاعل أنه صاحب فضل لأدائه هذا العمل، وهو مسكين مغبون لا يعلم أن تعامله في الحقيقة مع خالقه الله رب العالمين، لا مع من يقضي له حاجته، قال تعالى : {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات : 17]

وكل ما سبق ينطوي تحت قوله تعالى :{۞ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة : 46]
إذ من لا يسلك سبيل الخير ويؤديه كما يحب الله ويرضاه كان كمن لم يعد العدة، فعاقبه الله وخذله بأن سلب منه عمل الخير فصار مع المثبطين الذين لم يوفقهم الله أصلاً لعمل الخير.

والسبيل لاستعمال الله تعالى لعبده هو أن يكون كله لله تعالى، فلا يضن بنفسه وماله ووقته وجهده على الله تعالى،
فيستبق أعمال الخير المتاحة له ما استطاع لذلك سبيلاً، فيعملها على أكمل وجه كما لو كان يتقاضى مالاً مقابل ذلك، وليكن على يقين أنه إن أعرض استبدله الله بمن هو خير منه، قال تعالى : {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم} [محمد : 38]
نسأل الله أن يستخدمنا ولا يستبدلنا.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/11/18

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به