الفقه الإسلامي - ما يخص الفقه و أصوله - ما يخص الفقه - أسئلة لاتتعلق بحكم
رقم الفتوى 12036
نص السؤال مختصر

حدثنا أحدهم كان يداوي الجرحى مع فئة ما، فقال منهم من خرجت من مكان جرحه رائحة العنبر بقوة، وآخر قارب الموت لشدة جرحه فصار يخاطب من حوله وكأنه يرى الحورية، وبعض من مات منهم وجدوه مبتسماً، فهل ذلك يدل على كون هذه الفئة على حق ؟ وهل معناه أن كل ميت وجدناه مبتسماً فقد بُشر بمقعده من الجنة ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

أولاً، فلا يُعلم كون الفئة المُقاتل معها على حق أم على باطل من خلال مثل هذه الجزئيات، إنما بعرض هذه الفئة ومعتقداتها وغاياتها وواقعها على ميزان الشرع، عندئذ يميز لنا الخبيث من الطيب.

ثانياً، الحكم على الميت بأنه شهيد يتعلق بأمرين اثنين :
الأول، مع من يُقاتل ؟ والثاني، لم يُقاتل {أي نيته} ؟
فإن قُتل وهو يُقاتل مع الحق لكنه خرج يرائي الناس أو طمعاً في التنكيل بالناس فهذا ظالم لنفسه ولغيره، وذنبه عظيم عند الله تعالى.
ومن قُتل وهو يُقاتل مع الباطل ظناً منه أنهم على حق - وفق ميزان الشرع - فهذا إن أفتى نفسه بنفسه فلا شك أنه يأثم لتقصيره في التثبت من حقيقة أمر من قاتل معهم، لكن هل يُعد شهيداً أم لا، فالله أعلم به.
أما من قُتل وهو يُقاتل مع الباطل وهو يعلم ذلك فإن استطاع ألا يُبعث يوم القيامة فليفعل، إذ الذنب عظيم، {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ} [ابراهيم : 47].

ثالثاً، قد يحصل للجريح أو المحتضر خارق للعادة، على سبيل المعونة أو الكرامة، لكن ذلك لا يقطع له بالجنة، إذ الحساب يوم القيامة منفك عن هذه الأمور.

رابعاً، ظاهر النصوص أن المحتضر يعلم مصيره عند احتضاره، قال تعالى : {وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام : 93]

خامساً، لا تدل ابتسامة الميت على كونه بُشر بالجنة، إذ حصل ذلك للمسلمين وغيرهم، وسبب تبسمه يرجع لأمرين اثنين ذكرتهما علياء كيوان في مقال لها :

الأول، تشريحي :
يتحكم في تحقيق الابتسامة عضلتين، وهي "العضلة الوجنية العظمى"، والتي من خلالها تتحرك زاويا الفم وترتفع الوجنتان، وكان داروين أول من فسر آلية عمل هذه العضلة واعتبرها هي العضلة الوحيدة التي تتحكم بالابتسامة الحقيقية أو المزيفة.
إلى أن ظهرت بسمة "الموناليزا" والتي رسمها الرسام الشهير "دافنشي" وحيرت من بعده العلماء، فظهر العالم الفرنسي "دوشين" واكتشف أن هناك عضلة أخرى مرتبطة فقط في الابتسامة الحقيقية، وهي "العضلة العينية الدويرية" وهذه العضلة تشريحياً مميزة في بعض الأشخاص، واضحة في ابتسامة الموناليزا المرتبطة بالعضلة حول العين، رغم أن الناظر إلى اللوحة يقول إن شفتاها لا تبتسمان ولكن الناظر إلى عينيها يشعر بالبسمة.
بالتالي ارتخاء هذه العضلات عند الموت وبشكل مريح جداً دليل على ظهور معالم الابتسام على بعض الموتى، وشكل الوجه التشريحي يلعب دوراً كبيرا في ذلك.

الثاني، فسيولوجي نفسي :
الدماغ البشري بطبيعته يخزن الإشارات، وخصوصا المتكررة والمرتبطة بالعادات والممارسات اليومية، والابتسامة في كثير من الأشخاص تتحول إلى عادة، وكثيراً ما يرتبط وصفنا لشخصية شخص ما إنه مبتسم على الدوام وبالتالي اعتادت عضلات الوجه التعبيرية على إصدار تكرار هذه الإشارات، وهذا يرتبط أيضاً بشكله الأخير عند الموت، وأيضاً كل من حوله يراه كما كان يراه كل يوم.
هناك دراسات أخرى أكدت أن ابتسامة الميت ترتبط بشكل كبير بقناعته في الموت، وأنه نهاية مريحة للإنسانية، وبالتالي عند الموت تظهر على وجهه علامات الراحة والاستبشار وبالتالي هو اعتقاد ليس مرتبطاً في دين معين بحد ذاته، وهذا يؤكده ابتسامة "تشي جيفارا" المناضل الكوبي وهو ميت، وكذلك الكثير من صور القساوسة والرهبان والحاخامات اليهودية والبوذيين والهندوس وغيرهم وبإمكان القارئ إيجاد الصور من خلال جوجل.] انتهى، ولمن أراد قراءة المقال بالكامل والاستزادة :http://www.al-ghofran.com/blog_single.php?id=25

والله تعالى أعلم.

الجواب الكامل
تاريخ النشر بالميلادي 2019/11/17

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به